وخروج بولة لجدير أن لا ينافس فيه فبكى الرشيد.
وقيل: كان الفضيل بن عياض يقول ما من نفس أشد علي موتا من هارون الرشيد لوددت أن الله زاد من عمري في عمره فعظم ذلك على أصحابه؛ فلما مات وظهرت الفتن وكان من المأمون ما حمل الناس عليه من القول بخلق القرآن قالوا الشيخ أعلك بما تكلم به.
وقال محمد بن منصور البغدادي لما حبس الرشيد أبا العتاهية جعل عليه عينا يأتيه بما يقول فرآه يوما قد كتب على الحائط:
(أما والله إن الظلم لؤم * وما زال المسئ هو الظلوم) (إلى ديان يوم الدين نمضي * وعند الله تجتمع الخصوم) فأخبر بذلك الرشيد فبكى وأحضره واستحله وأعطاه ألف دينار.
وقال الأصمعي صنع الرشيد يوما طعاما كثيرا وزخرف مجالسه وأحضر أبا العتاهية فقال له صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا فقال:
(عش ما بدا لك سالما * في ظل شاهقة القصور) فقال: أحسنت! ثم قال ماذا؟ فقال:
(يسعى عليك بما أشتهي * لدى الرواح وفي البكور)