نمنعه، قال فهذا خلاف ما سمعناه من قول الحكماء استصلح عاقبة أمرك باحتمال ما عرض من مكروه في يومك ولا تلتمس هدنة يومك بإخطار أدخلته على نفسك في غدك.
فقال المأمون لذي الرياستين ما تقول أنت فقال أسعدك الله هل تأمن أن يكون الأمين طالبك بفضل قوتك ليستظهر بها عليك بل إنما أشار الحكماء بحمل ثقل ترجون به صلاح العاقبة.
فقال المأمون: بإيثار دعة العاجل صار إلى فساد العاقبة في دنياه وآخرته فامتنع المأمون من إجابته إلى ما طلب؛ وأنفذ المأمون ثقته إلى الحد فلا يمكن أحدا من العبور إلى بلاده إلا مع ثقة من ناحيته وحصر أهل خراسان أن يستمالوا برغبة أو رهبة وضبط الطرق بثقات أصحابه فلم يمكنوا من دخول خراسان إلا من عرفوه وأتى بجواز أو [كان] تاجرا معروفا وفتشت الكتب.
وقيل: لما أراد الأمين أن يكتب إلى المأمون يطلب بعض كور خراسان قال له إسماعيل بن صبيح يا أمير المؤمنين إن هذا مما يقوي التهمة وينبه على الحذر ولكت اكتب اليه فأعلمه حاجتك وما تحب من قربه والاستعانة به على ما ولاك الله واسأله القدوم عليك لترجع إلى رأيه فيما تفعل.
فكتب إليه بذلك وسير الكتاب مع نفر وأمرهم أن يبلغوا الجهد في إحضاره وسير معهم الهدايا الكثيرة فلما حضر الرسل عنده، وقرأ الكتاب