آخره شديدا، العرب والعجم فيه سواء، ولا تكون بينهم نقطة إلا أبلغوها يزدجرد بالأصوات فيبعث إليهم أهل النجدات ممن عنده، فلولا أن الله ألهم القعقاع ما فعل في اليومين وإلا كسر ذلك المسلمين.
وقاتل قيس بن المكشوح وكان قد قدم مع هاشم قتالا شديدا وحرض أصحابه، وقال عمرو بن معد يكرب: إني حامل على الفيل ومن حوله لفيل بإزائهم فلا تدعوني أكثر من جزر جزور فإن تأخرتم عني فقدتم أبا ثور يعني نفسه وأين لكم مثل أبي ثور. فحمل وضرب فيهم حتى ستره الغبار وحمل أصحابه فأفرج المشركون عنه بعد ما. صرعوه وإن سيفه لفي يده يصارمهم وقد طعن فرسه فأخذ برجل فرس أعجمي فلم يطق الجري فنزل عنه صاحبه إلى أصحابه وركبه عمرو، وبرز فارسي فبرز إليه رجل من المسلمين يقال له: شبر بن علقمة وكان قصيرا فترجل الفارسي إليه فاحتمله وجلس على صدره ثم أخذ سيفه ليذبحه، ومقود فرسه مشدود في منطقته، فلما سل سيفه نفر الفرس فجذبه المقود فقلبه عنه وتبعه المسلم فقتله وأخذ سلبه فباعه باثني عشر ألفا.
فلما رأى سعد الفيول قد فرقت بين الكتائب وعادت لفعلها أرسل إلى القعقاع وعاصم ابني عمرو اكفياني الأبيض وكانت كلها آلفة له وكان بإزائهما، وقال لحمال، والزبيل: اكفياني الأجرب وكان بإزائهما فأخذ القعقاع وعاصم رمحين وتقدما في خيل ورجل، وفعل حمال والربيل بمثل فعلهما، فحمل القعقاع وعاصم فوضعا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض فنفض