التراب حتى رجع إلى أصحابه. وحمل القعقاع بن عمرو يومئذ ثلاثين حملة كلما طلعت قطعة حمل حملة وأصاب فيها وقتل فكان آخرهم بزرجمهر الهمذاني. وبارز الأعور بن قطبة شهريار سجستان فقتل كل واحد منهما صاحبه، وقاتلت الفرسان إلى انتصاف النهار، فلما اعتدل النهار وتزاحف الناس فاقتتلوا حتى انتصف الليل، فكانت ليلة أرماث تدعى الهدأة، وليلة أغواث تدعى السواد. ولم يزل المسلمون يرون [في] يوم أغواث الظفر، وقتلوا فيه عامة أعلامهم، وجالت فيه خيل القلب، وثبت رجلهم، فلولا أن خيلهم عادت أخذ رستم أخذا، وبات الناس على ما بات عليه القوم ليلة أرماث، ولم يزل المسلمون ينتمون، فلما سمع سعد ذلك قال لبعض من عنده: إن تم الناس على الانتماء فلا توقظني فإنهم أقوياء وإن سكتوا ولم ينتم الآخرون فلا توقظني فإنهم على السواء، فإن سمعتهم ينتمون فأيقظني فإن انتماءهم من السوء.
ولما اشتد القتال، وكان أبو محجن قد حبس وقيد فهو في القصر، قال لسلمى زوج سعد؛ هل لك أن تخلين عني وتعيريني البلقاء فالله علي إن سلمني الله أن أرجع إليك حتى أضع رجلي في قيدي، فأبت، فقال:
كفى حزنا أن ترتدي الخيل بالقنا * وأترك مشدودا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وأغلقت * مصارع دوني قد تصم المناديا وقد كنت ذا مال كثير واخوة * فقد تركوني واحدا لا أخا ليا ولله عهد لا أخيس بعهده * لئن فرجت أن لا أزور الحوانيا فرقت له سلمى وأطلقته وأعطته البلقاء فرس سعد فركبها حتى [إذا] كان