فجمع عمر الناس، وقال لهم: إني كنت عزمت على المسير حتى صرفني ذوو الرأي منكم، وقد رأيت أن أقيم وأبعث رجلا فأشيروا علي برجل.
وكان سعد بن أبي وقاص علن صدقات هوازن فكتب إليه عمر بانتخاب ذوي الرأي والنجدة والسلاح فجاءه كتاب سعد وعمر يستشير الناس فيمن يبعثه يقول: قد انتخبت لك ألف فارس كلهم له نجدة ورأي، وصاحب حيطة يحوط حريم قومه إليهم، انتهت أحسابهم ورأيهم، فلما وصل كتابه قالوا لعمر: قد وجدته. قال: من هو؟ قالوا: الأسد عاديا سعد بن مالك. فانتهى إلى قولهم وأحضره وأمره على حرب العراق ووصاه وقال: لا يغرنك من الله أن قيل: خال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله لا يمحو السيء بالحسن ولكنه يمحو السيء بالحسن، وليس بين الله وبين أحد نسب إلا طاعته، فالناس في ذات الله سواء، الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عنده بالطاعة فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزمه فالزمه ووصاه بالصبر وسرحه فيمن اجتمع اليه من نفر المسلمين وهو أربعة آلاف فيهم حميضة بن النعمان بن حميضة على بارق، وعمرو بن معد يكرب، وأبو سبرة بن ذؤيب على مذحج، ويزيد بن الحارث الصدائي على صداء، وحبيب، ومسيلمة، وبشر بن عبد الله الهلالي في قيس عيلان.
وخرج إليهم عمر فمر بفتية من السكون مع حصين بن نمير ومعاوية بن خديج دلم سباط فأعرض عنهم فقيل له: مالك وهؤلاء؟ فقال: ما مر بي قوم من العرب أكره إلي منهم ثم أمضاهم. فكان بعد يذكرهم بالكراهة، فكان منهم سودان بن حمران قتل عثمان، وابن ملجم قتل