الأوس إلا من ذكرنا على الانتقال من المدينة فأغارت بنو سلمة على مال لبني الأشهل يقال له الرعل فقاتلوهم عليه فجرح سعد بن معاذ الأشهلي جراحة شديدة واحتمله بنو سلمة إلى عمرو بن الجموح الخزرجي فأجاره وأجار الرعل من الحريق وقطع الأشجار فلما كان يوم بعاث جازاه سعد على ما نذكره إن شاء الله.
ثم سارت الأوس إلى مكة لتحالف قريشا على الخزرج وأظهروا أنهم يريدون العمرة وكانت عادتهم أنه إذا أراد أحدهم العمرة أو الحج لم يعرض إليه خصمه ويعلق المعتمر على بيته كرانيف النخل ففعلوا ذلك وساروا إلى مكة فقدموها وحالفوا قريشا وأبو جهل غائب فلما قدم أنكر ذلك وقال لقريش أما سمعتم قول الأول ويل للأهل من النازل أنهم لأهل عدد وجلد ولقلما نزل قوم على قوم إلا أخرجوهم من بلادهم وغلبوهم عليه قالوا فما المخرج من حلفهم قال أنا أكفيكموهم ثم خرج حتى جاء الأوس فقال إنكم حالفتم قومي وأنا غائب فجئت لأحالفكم واذكر لكم من أمرنا ما تكونون بعده على رأس أمركم أنا قوم تخرج إماؤنا إلى أسواقنا ولا يزال الرجل منا يدرك الأمة فيضرب عجيزتها فإن طابت أنفسكم أن تفعل نساؤكم مثل ما تفعل نساؤنا حالفناكم وإن كرهتم ذلك فردوا إلينا حلفنا فقالوا لا نقر بهذا وكانت الأنصار بأسرها فيهم غيرة شديدة فردوا إليهم حلفهم وساروا إلى بلادهم فقال حسان بن ثابت يفتخر بما أصاب قومه من الأوس:
(ألا أبلغ أبا قيس رسولا * إذا ألقى له سمع مبين)