وكان سببه أن بسطام بن قيس بن مسعود بن خالد بن عبد الله ذي الجدين غزا بني ضبة ومعه أخوه السليل بن قيس ومعه رجل يزجر الطير من بني أسد بن خزيمة يسمى نقيدا فلما كان بسطام في بعض الطريق رأى في منامه كأن آتيا أتاه فقال له الدلو تأتي الغرب المزلة فقص رؤياه على نقيد فتطير وقال ألا قلت ثم تعود باديا مبتله فتفرط عنك النحوس ومضى بسطام على وجهه فلما دنا من نقا يقال له الحسن في بلاد ضبة صعده ليراه فإذا هو بنعم قد ملأ الأرض فيه ألف ناقة لمالك بن المنتفق الضبي من بني ثعلبة بن سعد بن ضبة قد فقأ عين فحلها وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية إذا بلغت إبل أحدهم ألف بعير فقأوا عين فحلها لترد عنها العين وهي إبل مرتبعة ومالك بن المنتفق فيها على فرس له جواد.
فلما أشرف بسطام على النقا تخوف أن يروه فينذروا به فاضطجع وتدهدى حتى بلغ الأرض وقال يا بني شيبان لم أر كاليوم قط في الغرة وكثرة النعم ونظر إلى نقيد إلى لحية بسطان معفرة بالتراب لما تدهدى فتطير له أيضا وقال إن صدقت الطير فهو أول من يقتل وعزم الأسدي على فراقه فأخذته رعدة تهيبا لفراقه والانصراف عنه وقال له ارجع يا أبا الصهباء فإني أتخوف عليك أن تقتل فعصاه ففارقه نقيد.
وركب بسطام وأصحابه وأغاروا على الإبل واطردوها وفيها فحل لمالك يقال له أبو شاعر وكان أعور فنجا مالك على فرسه إلى قومه من ضبة حتى إذا أشرف على تعشار نادى يا صباحاه وعاد راجعا وأدرك الفوارس القوم وهم يطردون النعم، فجعل فحله أبو شاعر يشذ من النعم