ليرجع وتتبعه الإبل، فكلما تبعته ناقة عقرها بسطام فلما رأى مالك ما يصنع بسطام وأصحابه قال ماذا السفه يا بسطام لا تعقرها فإما لنا وإما لك فأبى بسطام وكان في آخريات الناس على فرس أدهم يقال له الزعفران يحمي أصحابه فلما لحقت خيل ضبة قال لهم مالك ارموا روايا القوم فجعلوا يرمونها فيشقونها فلحقت بنو ثعلبة وفي أوائلهم عاصم بن خليفة الصباحي وكان ضعيف القتل وكان قبل ذلك يعقب قناة له فيقال له ما تصنع بهم يا عاصم فيقول أقتل عليها بسطاما فيهرعون منه.
فلما جاء الصريخ ركب فرس أبيه ومر بغير أمره ولحقه الخيل فقال لرجل من ضبة أيهم الرئيس قال صاحب الفرس الأدهم فعارضه عاصم حتى حاذاه ثم حمل عليه فطعنه بالرمح في صماخ أذنه أنفذ الطعنة إلى الجانب الآخر وخر بسطام على شجرة يقال لها الألاءة فلما رأت ذلك شيبان خلوا سبيل النعم وولوا الأدبار فمن قتيل وأسير وأسر بنو ثعلبة نجاد بن قيس أخا بسطام في سبعين من بني شيبان وكان عبد الله بن عنمة الضبي مجاورا في شيبان فخاف أن يقتل فقال يرثي بسطاما:
(لأم الأرض ويل ما أجنت * غداة أضر بالحسن السبيل) (يقسم ماله فينا وندعو * أبا الصهباء إذ جنح الأصيل) (أجدك لن تريه ولن نراه * تخب به عذافرة ذمول) (حقيبة بطنها بدن وسرج * تعارضها مزببة دؤل) (إلى ميعاد أرعن مكفهر * تضمر في جوانبه الخيول) (لك المرباع منها والصفايا * وحكمك والنشيطة والفضول)