ثم إن بني أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان وبني مرة بن ذهل بن شيبان كان بينهم شر وخصام فاقتتلوا شيئا من قتال ولم يكن بينهم دم فقال هانئ بن مسعود رئيس بني أبي ربيعة لقومه إني أكره أن يتفاقم الشر بيننا فارتحل بهم فنزل على ماء يقال له مبائض وهو قريب من مياه بني تميم فأقاموا عليه أشهرا وبلغ خبرهم بني تميم فأرسل بعضهم إلى بعض وقالوا هذا حي منفرد وإن اصطلمتموهم أوهنتم بكر بن وائل واجتمعوا وساروا على ثلاثة رؤساء أبو الجدعاء الطهوي على بني حنظلة وابن فدكي المنقري على بني سعد وطريف بن تميم على بني عمرو بن تميم فلما قاربوا بني أبي ربيعة بلغهم الخبر فاستعدوا للقتال فخطبهم هانئ بن مسعود وحثهم على القتال فقال إذا أتوكم فقاتلوهم شيئا من قتال ثم انحازوا عنهم فإذا اشتغلوا بالنهب فعودوا إليهم فإنكم تصيبون منهم حاجتكم.
وصبحهم بنو تميم والقوم حذرون فاقتتلوا قتالا شديدا وفعلت بنو شيبان ما أمرهم هانئ فاشتغلت تميم بالغنيمة وسار به وبقيت تميم مع الغنيمة والسبي فعادت شيبان عليهم فهزموهم وقتلوهم وأسروهم كيف شاؤوا ولم تصب تميم بمثلها لم يفلت منهم إلا القليل ولم يلو أحد على أحد وانهزم طريف فاتبعه حميصة فقتله واستردت شيبان الأهل والمال وأخذوا مع ذلك ما كان معهم وفادى هانئ بن مسعود ابنه بمائة بعير وقال بعض شيبان في هذا اليوم:
(ولقد دعوت طريف دعوة جاهل * غر وأنت بمنظر لا تعلم) (وأتيت حيا في الحروب محلهم * والجيش باسم أبيهم يستهزم)