فقال لهم أما إحيائي كليبا فلست قادرا عليه وأما دفعي جساسا إليكم فإنه غلام طعن طعنة على عجل وركب فرسه فلا أدري أي بلاد قصد وأما همام فإنه أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة كلهم فرسان قومهم فلن يسلموه بجريرة غيره وأما أنا فما هو إلا أن تجول الخيل جولة فأكون أول قتيل فما أتعجل الموت ولكن لكم عندي خصلتان أما إحداهما فهؤلاء أبنائي الباقون فخذوا أيهم شئتم فاقتلوه بصاحبكم وأما الأخرى فإني أدفع إليكم ألف ناقة سود الحدق حمر الوبر.
فغضب القوم وقالوا قد أسأت ببذل هؤلاء وتسومنا اللبن من دم كليب؟ ونشبت الحرب بينهم ولحقت جليلة زوجة كليب بأبيها وقومها واعتزلت قبائل بكر الحرب وكرهوا مساعدة بني شيبان على القتال وأعظموا قتل كليب فتحولت لجيم ويشكر وكف الحارث بن عباد عن نصرهم ومعه أهل بيته وقال مهلهل عدة قصائد يرثي كليبا منها:
(كليب لا خير في الدنيا ومن فيها * إذ أنت خليتها فيمن يخليها) (كليب أي فتى عز ومكرمة * تحت السقائف إذ يعلوك سافيها) (نعى النعاة كليبا لي فقلت لهم * مالت بنا الأرض أو زالت رواسيها) (الحزم والعزم كانا من صنيعته * ما كل آلائه يا قوم أحصيها) (القائد الخيل تردى في أعنتها * رهوا إذا الخيل لجت في تعاديها) (من خيل تغلب ما تلقى أسنتها * إلا وقد خضبوها من أعاديها) (يهزهزون من الخطي مدمجة * صما أنابيبها زرقا عواليها) (ليت السماء على من تحتها وقعت * وانشقت الأرض فانجابت بمن فيها)