ثم إن مرة دعا قومه إلى نصرته فأجابوه وجلوا الأسنة وشحذوا السيوف وقوموا الرماح وتهيأوا للرحلة إلى جماعة قومهم.
وكان همام بن مرة أخو جساس ومهلهل أخو كليب في ذلك الوقت يشربان فبعث جساس إلى همام جارية لهم تخبره الخبر فانتهت إليهما وأشارت إلى همام فقام إليه فأخبرته فقال له المهلهل ما قالت لك الجارية وكان بينهما عهد أن لا يكتم أحدهما صاحبه شيئا فذكر له ما قالت الجارية وأحب أن يعلمه ذلك في مداعبة وهزل فقال له المهلهل أست أخيك أضيق من ذلك فأقبلا على شربهما، فقال له المهلهل اشرب فاليوم خمر وغدا أمر فشرب همام وهو حذر خائف.
فلما سكر مهلهل عاد همام أهله فساروا من ساعتهم إلى جماعة قومهم وظهر أمر كليب فذهبوا إليه فدفنوه فلما دفن شقت الجيوب وخمشت الوجوه وخرجت الأبكار وذات الخدور العواتق إليه وقمن للمأتم فقال النساء لأخت كليب أخرجي جليلة أخت جساس عنا فإن قيامها فيه شماته وعار علينا وكانت امرأة كليب كما ذكرنا، فقالت لها أخت كليب أخرجي عن مأتمنا فأت أخت قاتلنا وشقيقة واترنا فخرجت تجر عطافها فلقيها أبوها مرة فقال لها ما وراءك يا جليلة فقالت ثكل العدد وحزن الأبد وفقد الخليل وقتل أخ عن قليل وبين هذين غرس الأحقاد وتفتت الأكباد فقال لها أويكف ذلك كرم الصفح وإغلاء الديات فقالت أمنية مخدوع ورب الكعبة ألبدن تدع لك تغلب دم ربها!
ولما رحلت جليلة قالت أخت كليب رحلة المعتدي وفراق الشامت ويل غدا لآل مرة من الكرة بعد الكرة. فبلغ قولها جليلة فقالت وكيف تشمت الحرة بهتك سترها وترقب وترها أسعد الله أختي ألا قالت: نفرة