فصار إلى واسط عاث أصحابه بها على الناس وكثر الضجيج منهم الدعاء عليهم فلم يغير ذلك فقال الناس من أراد محاربة عدوه عمل بالأنصاف والعدل ولم يفتتح أمره بالجور والظلم وانتصحه من عرفه فلم يقبل النصيحة وخرج ابن أبي الساج إلى القرمطي من واسط فأبطأ في سيره وسبقه القرمطي إلى الكوفة ثم التقيا فهزمه القرمطي وأخذه أسيرا وسار القرمطي يريد بغداد فعبر جسر الأنبار وخرج مونس المظفر ونصر الحاجب وهارون بن غريب الخال وأبو الهيجاء ومعهم جيش السلطان يريدون القرمطي وقد بلغهم رحيله إليهم وبادر نصر أصحابه واختلف رأيهم وجزع أصحاب السلطان وامتلأت قلوبهم رهبة للقرمطي ووقفوا على قنطرة تعرف بالقنطرة الجديدة وأرادوا قطعها لئلا يجوز القرمطي إليهم وتابعه أكثر أهل العسكر فقطعت القنطرة فلما صار القرمطي وأصحابه إليها رماهم أصحاب السلطان بالنشاب ورأوا كثرة الخلق فرجعوا وتبددوا في الموضع فعزم نصر على العبور إليهم ومناجزتهم فلم يدعه مونس ووجه السلطان إلى الفرات بطيارات وشميليات فيها جماعة من الناشبة وعليهم سبك غلام المكتفى فحالوا بين القرامطة وبين العبور وكان ثقل القرمطي وسواد عسكره بحيال الأنبار وابن أبي الساج محبوس عندهم فأراد نصر أن يحتال للعبور في السفن ليلا وأن يكبسوا السواد طمعا في تخليص ابن أبي الساج فحم نصر الحاجب حمى ثقيلة أذهبت عقله يومين وليلتين وشاع ما أراد أن يفعله وقدم مونس غلامه يلبق في نحو ألفين فعبروا الفرات ليلا ووافوا سواد القرمطي بالأنبار وكان يلبق في جيش عظيم وسواد القرمطي في خيل يسيرة فانهزم أصحاب السلطان وأسر جماعة منهم وأسر ابن أبي الأغر في جملتهم فلما أتاهم القرمطي جلس لهم وضرب أعناق جميعهم ودعا بابن أبى الساج من الموضع الذي كان محبوسا فيه فقال له أنا أكرمك وأنوى الصفح عنك وأنت تحرض على أصحابك فقال له قد علمت أنى ما أقدر على مكاتبتهم ولا مراسلتهم فأي ذنب لي في فعلهم فقال له ما دمت حيا فلأصحابك طمع فيك فأمر به فضربت عنقه * وفيها اتصل بمونس المظفر أن أم المقتدر عاملة على قتله وأنها قد نصبت له من يقتله
(٩٢)