وهتكوا الحرمة وصاروا من أخذ الجوهر والثياب والفرش والطيب إلا مالا قدر له ثم وكل مونس أصحابه بالقصر وأبوابه وأجمع رأى نازوك وعبد الله بن حمدان على اقعاد محمد بن المعتضد للخلافة وأحضروه الدار ليلة السبت وحضر معهما مونس المظفر ودعا لمحمد بن المعتضد بكرسي وخاطبه ثم انصرف مونس إلى داره وأقام نازوك في الدار إذ كان يتولى الحجابة مع الشرطة وانصرف عبد الله بن حمدان إلى منزله ووجه نازوك بالليل من نهب دار هارون بن غريب الخال بنهر المعلى وداره بالجانب الغربي وأحرقتا جميعا ونهبت دور الناس طول ليلة السبت فكانت من أشأم الليالي على أهل بغداد وأفلت كل لص وجانى جناية ومقتطع مال وفتقوا السجون التي كانوا فيها وأفلت من دار السلطان عبد الله صاحب الجنابي وعيسى بن موسى الديلمي وغيرهما من أهل الجرائر ثم أصبح الناس على مثل ذلك إلى أن ركب نازوك وأظهر الانكار لما حدث من النهب وضرب أعناق قوم وجد معهم أمتعة الناس فكف الامر قليلا وسمى محمد بن المعتضد القاهر بأمر الله وسلم عليه بالخلافة ووجه القاضي محمد بن يوسف وجماعة معه إلى دار مونس المظفر ليجبروا المقتدر على الخلع فامتنع من ذلك ثم إن الرجالة المصافية طالبوا بست نوب وزيادة دينار وكان يجب لهم في كل نوبة مائة وعشرون ألف دينار عين إذ كانوا في عشرين ألف راجل وكان عدد الفرسان اثنى عشر ألفا ومبلغ ما لهم في كل شهر خمسمائة ألف دينار فضمن نازوك ثلاث نوب للرجالة ودافعهم عن الزيادة فقالوا لا نأخذ الا الست نوب والدينار الزائد وأخر نازوك أعطاء الجند إذ لم يجتمع له المال وألحقوا في قبضه فلم يعطوا شيئا يوم السبت ولا يوم الأحد وبكر الرجالة يوم الاثنين إلى الدار للمطالبة بالمال فدخل نازوك وخادمه عجيب الصقلبي إلى الصحن المعروف بالشعيبي ودخل الرجالة إلى الدهليز يشتمون نازوك ويغلظون له ويتواعدونه لتأخيره العطاء والزيادة عنهم ثم إنهم هجموا في الدار وثاروا على نازوك لعداوتهم له وحربهم له في أول إمارته فقتلوا عجيبا خادمه وكان نازوك قد سد الطرق والممرات التي كانت في دار السلطان تحصينا على نفسه واستظهارا على أمره فلما رأى فعل الرجالة
(٩٩)