ما نهى الله عنه إلا في المواطن التي حدها الله في الكافرين والبغاة من المسلمين ولست أستنصر إلا بالله لما أؤمله من الفوز في الآخرة وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فلما قرئ كتاب المقتدر في العسكر وثب وجوه الجيش وقالوا نمضى إلى دار الخليفة لنسمع منه ما يقول وبلغ ذلك المقتدر فأخرج عن الدار كل من كان يحمل سلاحا وجلس على سريره وفى حجره مصحف يقرأ فيه وأقام بنيه حوالي نفسه وأمر بفتح الأبواب وألا يمنع أحد الدخول فلما علم ذلك مونس المظفر أقبل إلى بالباب الخاصة ليعرف الحقيقة ويستقرب مراسلة الخليفة ثم كره أن يدخل عليه فيحث من الامر مالا يتلافاه فأمر الحجاب بأن يرجعوا إلى الدار وألزم معهم قوما من أصحابه وصرف الناس إلى منازلهم على حال جميلة وكلهم مسرور بالسلامة ورجع هو إلى داره ليزيد بذلك في تسكين الناس وتطييب نفس الخليفة وذلك يوم الاثنين لعشر خلون من المحرم فلما كان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت منه عاد أصحاب نازوك وسائر الفرسان إلى الركوب في السلاح وساروا إلى دار مونس المظفر فأحرجوه عن كره منه إلى المصلى العتيق وغلبه نازوك على التدبير واستأثر بالامر وباتوا في تلك الليلة على هذه الحال فلما أصبح نازوك ركب والناس معه في السلاح إلى دار السلطان فوجدوا الأبواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا الدار وقد تكامل على بابها من الفرسان نحو اثنى عشر ألفا فلما سمع المقتدر نفيرهم دخل هو وولده داخل القصر ونزل محمد بن مقلة إلى دجلة فركب طياره وصار إلى منزله وتقحم نازوك وأصحابه دخول الدار على دوابهم إلى أن صاروا إلى مجالس الخليفة وهم يطلبونه ويكشفون عنه فلما رأى مونس ذلك دخل الدار وسأل بعض الخدم عن المقتدر فأعلمه بمكانه فاحتال في إخراجه وإخراج أمه وولده ووجه معهم ثقاته إلى داره ليستتروا فيها وأخرج علي بن عيسى من المكان الذي كان محبوسا فيه فصرفه إلى منزله وأخرج الحسين بن روح وكان محبوسا أيضا بسبب مال طولب به فصرفه إلى منزله ونهب الجند الدار ومحوا رسوم الخلافة
(٩٨)