السلطان أمر وصاح بن صائح من القصر لوافاه من ساعته في هذا العدد قبل أن يعلم بذلك غيرهم من جنسه فلما توفى يأنس انتصح نصر الحاجب الخليفة في أمواله وكانت عظيمة وكانت له ضياع ومستغلات وأمتعة ووطاء وكسوة لا يعرف لشئ منها قدر فقال نصر الحاجب للمقتدر ان يانسا خلف ضياعا تغل ثلاثين ألف دينارا إلى ما خلف من سائر المال وأشار عليه بأن يوجه ابنه أبا العباس إلى داريانس فيصلى عليه ويأمر بدفنه ويحضر جميع فرسانه وخدمه وحاشيته فيقول لهم أنا مكان يأنس لكم وفوقه وزائد في الاحسان إليكم والتفقد لأحوالكم ثم يحصى ما تخلفه ولا يفوت منه شئ فيجمع بذلك الاستحماد إلى الرجال والاحراز للمال فأصغى المقتدر إلى نصيحة نصر الحاجب وظهر له صواب قوله فما خرج عنه حوله ابن الفرات وولده عن رأيه وأمر المحسن بتحصيل التركة فأذهب أكثرها وخان الخليفة فيها وأخذ أكثر ذلك لنفسه حتى لقد كانت الشقاق الدبيقية الشقيريات التي أقل ثمن كل واحدة منها سبعون دينارا تحشى بها المخاد الارمينية والمساور وتباع فتشتري للمحسن على أن الذي داخلها حشو صوف وكذلك فعل بالقصب المرتفع والرشيدي والملحم الشعيبي والنيسابوري ولقد أخذ من الوسائد الرفيعة والمساور المحكمة فحشاها بالند والعود عتيا وطغيانا وكذلك كان يتكئ عليها ومما يعتد به على ابن الفرات وولده أن أحمد بن محمد بن خالد الكاتب المعروف بأخي أبى صخرة كان قد ولى الدواوين وكان من مشايخ الكتاب ورؤسائهم فتوفى في هذا العام وخلف ورئة أحداثا فأنهى كثرة ما خلف من المال إلى المقتدر فأمر بالتوكيل بخزانته وداره فسار بعض الورثة إلى المحسن وضمنوا له مالا على إزالة التوكيل وحل الاعتقال فكلم المحسن أباه في ذلك وركب إلى المقتدر فقال له إن المعتضد والمكتفى قد كان قطعا الدخول على الناس في المواريث وأنا أرى لمولاي أن يحيى رسومهما وأن يأمر باثبات عهدأ لا يتعرض أحد في ميراث فأجابه المقتدر إلى ذلك إذ ظن أنها نصيحة منه فسلمت الدار إلى ورثة الكاتب وأنشأ ابن الفرات كتابا عن المقتدر في إسقاط المواريث نسخته (بسم الله الرحمن الرحيم) أما بعد فان أمير المؤمنين المقتدر بالله يؤثر في الأمور كلها ما قربه من الله
(٨٠)