عنه ولم يزل ابن ياقوت في ذلك اليوم ثابتا بعد أن انهزم ابن الخال وأبلى بلاء حسنا فلما لم يجد ابن ياقوت مساعدا انهزم وانهزم عبد الواحد بن المقتدر وبقى المقتدر وحده وحوله جماعة من العامة وهو يحض الناس على القتال ويسألهم الثبات معه ويتوسل إليهم بالله وبنبيه وببردته ويمسح المصحف على وجهه إلى أن أقبل موكب علي بن يلبق وكان قد أصابته جراح في الحرب فلم يهن لها وأقبل معه فارس تحته فرس أدهم وعليه درع على رأسه زردية فضرب المقتدر ضربة بالسيف في عاتقه الأيمن فقطعت الضربة طاقا من حمائل السيف وأثخنته الضربة وكان السيف بيد المقتدر مجردا وقد كان نافع صاحب ركاب مونس ضرب بيده إلى عنان دابة المقتدر ليسير به إلى مونس فلما ضربه الفارس خلى نافع عنانه ومضى الفارس بعد أن ضربه ولم يقف عليه ووافى بعد هذا الفارس ثلاثة فوارس يقال لأحدهم بهلول وللثاني سيمجور ورفيق لهما لم أحفظ اسمه فوقفوا بالمقتدر يخاطبونه ويسمعون منه منه فأخذ أحدهم السيف من يده وانترع الآخر البردة والخفتان منه وطالب الثالث بخاتمه فدفعه إليه وكان الخاتم ياقوتا أحمر مربعا فضربه أحد الثلاثة بالسيف على جبينه فألمه فأخرج المقتدر كم قميصه ليمسح الدم عن وجهه فضربه الآخر ضربة ثالثة فتلقاها المقتدر بيده اليسرى فقطعت إبهامه وانقلبت الابهام إلى ذراعه وسقط إلى الأرض واجتمعت عليه جماعة رجالة فاحتزوا رأسه وحمل إلى مونس وذلك يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شوال سنة 320 وكان الذي حمله سراج البكتمري فلما نظر إليه مونس اشتد جزعه وغمه وناله عليه أمر عظيم وقيل إن الذي قتل المقتدر نقيط غلام مونس وأن جثته بقيت مجردة فطرح بعض المطوعة على سوأته خرقة ثم أخذها رجل من العجم وألقى عليها حشيشا إلى أن حملت الجثة إلى مونس فأضاف إليها الرأس وسلمه إلى ابن أبي الشوارب القاضي ليتولى أمره فقيل إنه دفن مع أبيه وقيل إنه دفن في رقة الشماسية وقيل أيضا انه طرح في دجلة ولم تزل الرعية يصلون في مصرعه ويدعون على قاتله وبنى في الموضع مسجد وحظيرة كبيرة وكان عمر المقتدر يوم قتل ثمانية وثلاثين سنة وشهرا وستة أيام
(١٢٥)