هذه السنة ازدادت وحشة مونس المظفر من ياقوت وولده ودارت بينهم مدافعات فصرف ابن ياقوت عن الشرطة ورد أمرها بالجانب الشرقي إلى أحمد ابن خاقان وبالجانب الغربي إلى سرور مولى المقتدر * وفى هذا الشهر قلد أبو بكر محمد بن طغج مدينة دمشق وأعمالها وصرف الراشدي عنها ورد إليه عمل الرملة ونفذ كتاب الخليفة إلى ابن طغج بالولاية فلما وصل إليه الكتاب سار من وقته إلى دمشق وخرج الراشدي إلى الرملة فسر أهل دمشق بقدوم ابن طغج ودخلها أحسن دخول. وفى مستهل رجب من هذه السنة راسل مونس الخليفة وسأله إخراج ياقوت وابنه عن مدينة السلام فلم يجبه إلى ذلك فأوحشه فعله واستأذن هو في الخروج فلم يمنع فخرج إلى مضاربه برقة الشماسية مغاضبا واتصل به أن ياقوتا وابنه أمرا بقصده والفتك به فاستجلب مونس الرجالة المصافية إلى نفسه فلحقوا به بالشماسية وصاروا معه ثم طالب الأولياء ابن ياقوت ببقايا أرزاقهم فتهددهم فلحق جميعهم بمونس بعد أن قطعوا خيامهم التي كانت حوالي دار الخليفة بالسيوف فقوى أمر مونس وانضم عسكره على قريب من ستة آلاف فارس وسبعة آلاف راجل فتقدم ابن ياقوت إلى أصحاب السلاح ألا يبيعوا منهم سلاحا ووجه إليهم مونس قواده يحذرهم أن يمنعوا أحدا من أصحابه بيع ما يلنمس من السلاح وحمل يلبق وبشر واصطفن وابن الطبري إلى مونس مالا كثيرا وقالوا له هذا المال أفدناه معك وهذا وقت حاجتك إليه وحاجتنا فشكرهم على ذلك وفرقه في أصحابه وعلى من قصده ولما قوى أمر مونس وانحاز الجيش إليه ركب إليه الوزير سليمان بن الحسن وعلي بن عيسى وشفيع ومفلح فلما حصلوا في مضربه بباب الشماسية شغب عليهم حاشية مونس وضربوا وجوه دوابهم وقبضوا عليهم وأظهرت حاشية مونس أنهم يريدون الفتك بهم فأهمتهم نفوسهم واعتقلوا يومهم وبلغ المقتدر الخبر فأقلقه وجرى الامر بينهما على اخراج ياقوت وابنيه عن بغداد ووجه الخليفة إلى ياقوت وولده اخرجوا حيث شئتم فخرجوا في الغلس يوم الأربعاء لثمان خلون من الشهر وجميع حاشيتهم في الماء مع نيف وأربعين سفينة
(١١١)