ولا لكافر خلاق (1)، ولو علم المخلوق مقدار يومه لضاقت عليه برحبها، ولم ينفعه فيها قوم ولا خفض، ولكنه عمي عليه الاجل، ومد له في الامل، وإنما سميت الجاهلية لضعف أعمالها، وجهالة أهلها لمن أدركه الاسلام وفي يده خراب أو عمران، فهو له على وطف ركاها لكل مؤمن خلص أو معاهد ذمي، إن أهل الجاهلية عبدوا غير الله، ولهم أجل ينتهون إلى مدته ويصيرون إلى نهايته، مؤخر عنهم العقاب إلى يوم الحساب، أمهلهم الله بقدرته وجلاله وعزته، فغلب الأعز الأذل، وأكل الكبير فيها الأقل، والله الاعلى الاجل، فما كان في الجاهلية فهو موضوع من سفك دم أو انتهاك محرم، " عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام " (2) فلم يرددها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد، وقضى بها لثقيف. وقال ظبيان بن كداد في ذلك شعرا هذا منه:
فأشهد بالبيت العتيق وبالصفا * شهادة من إحسانه متقبل (3) بأنك محمود لدينا مبارك * وفي (4) أمين صادق القول مرسل أتيت بنور يستضاء بمثله * ولقيت في القول الذي يتبجل متى تأته يوما على كل حادث * تجد وجهه تحت الدجى يتهلل عليه قبول من إلهي وخالقي * وسيماء حق سعيها متقبل