عبد يا ليل ما أحمقك، إنما الربة حجر (لا يدري من عبده ممن لا يعبده) (1) قال: إنا لم نأتك يا ابن الخطاب، قالوا: يا رسول الله أرسل أنت فاهدمها فإنا لن نهدمها أبدا، قال " فسأبعث إليكم من يكفيكم هدمها " فكاتبوه، فقال كنانة بن عبد يا ليل: ائذن لنا قبل رسولك، ثم ابعث في آثارنا، فإني أعلم بقومي. فأذن لهم وأكرمهم وحملهم، قالوا: يا رسول الله، أمر علينا رجلا منا، فأمر عليهم عثمان بن أبي العاص، لما رأى من حرصه على الاسلام، وقد كان علم سورا من القرآن قبل أن يخرج، فقال كنانة بن عبد يا ليل: أنا أعلم الناس بثقيف، فاكتموهم القضية وخوفوهم بالحرب والفناء، وأخبروهم أن محمدا سألنا أمورا أبيناها عليه، وسألنا أن نهدم اللات، ونبطل أموالنا في الربا، ونحرم الخمر والزنا.
فخرجت ثقيف حين دنا الوفد منهم يتلقونهم، فلما رأوهم قد ساروا العنق (2)، وقطروا (3) الإبل، وتغشوا ثيابهم كهيئة القوم قد حزنوا وكربوا ولم يرجعوا بخير، فلما رأت ثقيف ما في وجوه القوم قال بعضهم لبعض: ما جاء وفدكم بخير، ولا رجعوا به.
فدخل الوفد فعمدوا إلى اللات فنزلوا عندها، واللات بيت كان بين ظهري الطائف بستر ويهدى لها الهدي، ضاهوا به بيت الله، وكانوا يعبدونها، فيقول ناس من ثقيف حين نزل الوفد إليها كأنهم (4)