فيه بعدم الدلالة فيهما، على أن هذا هو العقد، خصوصا مع عدم التصريح بالقبول، فيمكن أن يكون هذا من جملة القول الذي يكون بين المتعاقدين قبل العقد، لتقرير الأجر بينهما، واختارا عدم الصحة، وكذا في الرياض إلا أنه استدل عليه بخبر يعقوب السابق وضعفه أولا: بأن غايته نفي البأس، وهو لا يدل على اللزوم المطلوب اثباته بالصيغة، وثانيا: بعدم تضمنه القبول ولو فعلا، وهو كاشف عن أن المراد من ذكر ذلك بيان ما يصح مساقاته، لا صيغتها حتى يستدل به على ذلك.
لكن لا يخفى عليك ما في الجميع بعد الإحاطة بما أسلفناه في كتاب البيع، وخبرا أبي الربيع والنضر، إنما هما بصيغة المضارع، لا الأمر، وظاهر قوله في أحدهما " إنما يحرم الكلام " إرادة العقد بذلك، ونفي البأس في خبر يعقوب بعد ظهور القول فيه في الصيغة دال على صحتها المترتب عليه أحكامها فإذا الأقوى جواز ذلك كله لأن التحقيق عدم الاجمال في العقد كي يقتصر فيه على المتيقن في المادة والهيئة.
نعم الظاهر اعتبار القول أيضا في قبولها، كغيرها من العقود اللازمة، وترك المصنف له هنا في بيان عبارتها، لعدم اعتبار لفظ مخصوص فيه، بل هو جميع ما دل على الرضا بالايجاب، فما في المسالك من احتمال كون ذلك منه لبيان الاكتفاء فيه بالفعل كما اختاره العلامة في القواعد في غير محله، هذا وفي المسالك " واعلم أنه قد استفيد من حقيقة المزارعة ومن صيغتها أن المعقود عليه هو الأرض المملوكة المنتفع بها إلى أن قال وإنه لا تشرع المزارعة بين المتعاملين إذا لم يكن الأرض ملكا لأحدهما كما في الأرض الخراجية، وإن بقي من لوازمها ما يمكن اشتراكهما فيه، لما قد عرفت أن متعلقها والمعقود عليه هو الأرض فلو اتفق اثنان على المعاملة في مثل ذلك في الأرض الخراجية، فطريق الصحة الاشتراك في البذر " إلى تمام ما ذكره من الحيل الشرعية المفيدة للاشتراك في الحاصل، على حسب ما يتفقان عليه بغير طريق المزارعة.
وقد يناقش فيه بأن صيغة المزارعة التي هي زارعتك وسلمتك ونحوهما وحقيقتها التي - هي المعاملة على الأرض بالحصة من حاصلها - لا تقتضي اعتبار ملكية