وبه بان أن القول الآخر الذي ذكروه قولا ثالثا - وهو أن القول قول المالك أيضا، ولكن يرجع بأقل الأمرين من المسمى وأجرة المثل لا أجرة المثل مطلقا، كما في المتن - هو قول المصنف بعد تنزيل إطلاقه على ما عرفت.
كما أن المذكور قولا رابعا وهو التحالف، إذ قد يكون المسمى الذي يدعيه المالك أزيد من أجرة المثل، فلا بد في نفيه من يمين الراكب، لا ينبغي أن يكون قولا ليس كذلك، ضرورة أن ذلك راجع إلى المالك، إن أراده طالبه باليمين المحتمل نكوله عنها، لا أن الحكم له بأجرة المثل موقوف على ذلك، فإن له عدم الدعوى، وإسقاط حق اليمين الذي له، والمطالبة بأجرة المثل التي هي مقتضى حلفه على نفي العارية، ويكفي ذلك في إلزام الراكب بها.
فليس حينئذ في المسألة إلا قولان، منشؤهما ثبوت الأصل المزبور وعدمه، والظاهر أنه مفروغ منه في غير المقام، كما لا يخفى على من أحاط خبرا بأفراد المسألة في الأبواب المتفرقة.
نعم يحكى عن الشيخ قول ثالث، وهو استعمال القرعة في تعيين المنكر منهما فيكون القول قوله بيمينه، لكنه كما ترى، خصوصا إذا أراد ذلك حتى بالنسبة إلى اثبات المسمى الذي ادعاه المالك، على أن مورد القرعة المشكل، ولا اشكال بعد القاعدة المزبورة.
وأغرب منه ما يحكى عن غيره من الحكم بأجرة المثل بلا يمين من المالك على نفي العارية، ولا من الراكب على نفي الإجارة، لكن ظني أنه اشتباه من الحاكي ضرورة انحصار سقوط الدعوى بالبينة واليمين.
{و} على كل حال فلا ريب في أن القول الثاني {هو الأشبه} بأصول المذهب وقواعده التي قد عرفت أن منها أصالة عدم خروج مال المسلم من يده إلا بقوله، ولا فرق في التنازع بينهما بين أن يكون بعد مضي مدة الإجارة المدعاة، أو في أثناءها، وإن وجب في الثاني، أقل الأمرين من قسط المسمى وأجرة المثل، كما أنه لا فرق فيه بين بقاء العين وتلفها، لأنها إن كانت باقية ردها على المالك