ولقائل أن يقول: إن العلامة لا يخلو كلامه من غرابة، لأن نقل الشيخ أنه كان يعمل بالقياس (1)، وقول النجاشي عن ثقات أصحابه أنه كان يعمل بالقياس (2)، يدلان على اختلال الرجل، لأن أصحابنا يقولون:
إن ترك العمل بالقياس معلوم بالضرورة، فالقول به يضر بالاعتقاد ويوجب دخول الرجل في ريبة الفسق فضلا عن غيره، فكيف يكون ثقة؟ واحتمال كونه ثقة مع فساد العقيدة لا يلائمه نقل أقواله في المختلف، فيبقى التأمل في هذا فإنه لا يخلو عن غرابة، والله تعالى أعلم بالحال " م د ".
والذي ذكر الشيخ محمد بن معد والعلامة في وصف كتاب تهذيب الشيعة وكتاب الأحمدي فشاهد صدق على أنه لا يعمل بالقياس المردود الذي يقول به العامة، وترك العمل به معلوم بالضرورة، ولا ريب في أن أصحاب الأقوال في حال الرجال من الطبقة السابعة على ما يأتي في الإكليل في عنوان محمد بن أحمد بن يحيى ليس مستندهم في المدح والذم في الأكثر إلا مراجعة الكتب والأصول واستعلام حالهم منها، ولذلك يقال: إن الغرض الأهم إنما هو اعتماد الكتب، وإن توثيق الرواة إنما هو منها، وحيث وجدوا مسائل الكتاب ورواياته موافقة للمذهب من محكمات الأحكام خالية عن المتشابهات حكموا بصحة الكتاب وجعلوا ذلك دليلا بحال مصنفه، ومن ذلك قوله: فلان صحيح الحديث، أو صحيح الرواية، أو ثقة في حديثه، أو ثقة فيما يرويه، أو ثقة صحيح وغيره من العبارات الدالة على توثيق مصنفه.
وحيث وجدوا في الكتب ما ينافي المذهب قالوا: فلان حديثه يعرف وينكر، وفلان كثير التفرد بالغرائب، أو مردود المتون، أو في أحاديثه تخليط، أو غلو، أو كتابه تفسير الباطن، أو يلوح منه علامة الوضع وغيرها من العبارات الدالة على ضعف مصنفه.
وأنت ترى كثيرا في كلام النجاشي حيث يرمي الرجل بقادح وما رأينا في كتابه أو أحاديثه أو رواياته ما يدل على ذلك، ومع ذلك كيف يذهب عن الشيخ محمد بن معد والعلامة قدس سرهما بعد إمعان نظرهما في كتاب تهذيب الشيعة وكتاب الأحمدي أن الرجل عامل بالقياس؟!
والذي ثبت لي من تتبع كتابه أنه يقول بنحو من القياس على سبيل الاجتهاد، مثال ذلك أنه يقول في باب ذكر القراءة في الصلاة:
روينا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد (عليهم السلام) أنه (3) كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر فيه بالقراءة من الصلوات في أول فاتحة الكتاب وأول السورة في كل ركعة ويخافتون [بها] فيما يخافت فيه من السورتين جميعا قال