الحسن بن علي (عليه السلام): اجتمعنا ولد فاطمة على ذلك، وقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): التقية ديني ودين آبائي، ولا تقية في ثلاث: شرب المسكر والمسح على الخفين وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (1)، انتهى.
والظاهر أنه روى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم عنهم (عليهم السلام)، وكذا الإخفات في القراءة في الظهرين مثلا، ويختلط بين ذلك، ويروي عنهم على نحو ما ذكرنا، والدليل على ذلك أنه لم نجد في أصول أصحابنا ورواياتهم شيء يدل على التفصيل الذي ذكره، ولو كان الأمر على ما ذكر لتعدد ذكره في الأصول بمقتضى العادة، وحينئذ يشكل الأمر للناظر في كتابه ورواياته من جهة استعلام أن ما ذكره وأسنده إليهم (عليهم السلام) هل هو أصل الرواية المروية بعينها أو اختلط بعضها ببعض؟
وفي بعض رواياته في تضاعيف المسائل الفقهية تكون القرينة واضحة على التخليط، وفي بعضها أنه عين الرواية من غير تغيير، وفي بعضها التباس، لذلك صارت كتبه متروكة كما ذكروه، ولعله إليه ينظر ما ذكر في جملة كتب محمد بن محمد بن النعمان النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي، ولعل اجتهاد الرأي كان أمرا معروفا بينهم، ولذلك ترى في ترجمة إسماعيل بن علي بن إسحاق كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي، ومن هذا الباب كثير من أحاديث عمار بن موسى كما لا يخفى.
وأما النقل بأنه كان يعمل بالقياس فلعله كان وقت ما حين المناظرة والكلام مع بعض الشيوخ اتفق منه الاستناد على نحو من القياس تأييدا للمطلب، أو زعم أنه ما استند به هو القياس على فهمه وقد أخطأ، ثم اشتهر ذلك عنه عن الشيخ المذكور.
وأمثال ذلك كثيرة في بيان حال الرواة في كتب الرجال، فإنه قد ينسب الرجل بالغلو وسوء الرأي والآخر منهم ينفي ذلك ويثبت خلافه، وكم من ثقات ذهبت ثقتهم وجلالتهم ودخلوا في الضعفاء والمجروحين وتركوا كتبهم ورواياتهم، وتبعهم في ذلك من تأخر عنهم من علمائنا اعتمادا على طعنهم وقدحهم، ولم يعلموا أن في ذلك ذهاب كثير من آثار الأئمة (عليهم السلام)، فإنهم الرواة عنهم.
وناهيك في هذا المقام ما يتراءى في كلام ابن الغضائري من القدح بحال الأجلاء وحسبك طعن القميين في يونس بن عبد الرحمن كما هو مذكور في عنوانه، فالرجل عندي ثقة جليل القدر من مشايخنا قلما يوجد مثله كما ذكره بعض أصحاب الرجال، وما يدل على احتياطه وعدم خروجه عن النص الصريح في مواقع الاحتجاج أكثر من أن يحصى، ومن ذلك ما روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه رأى نخامة في قبلة المسجد فلعن صاحبها وكان غائبا، فبلغ ذلك امرأته فأتت فحكت النخامة وجعلت