واعلم أنه ما أسن أحد قط الا ندم على ما فاته من التقرب إلى الله عز وجل بطاعته في شيبته، وعلى ما دخل فيه من المحظورات في حداثته حين أسمعه الندامة ولا يمكنه استدراك ما فاته من عمره.
واصحب مشايخ أصحابك ومن تزين بصحبته بين الناس، وان صحبت أحدا من أترابك فلا تدع مع ذلك صحبة المشايخ، وأجاب الله فيك دعوتي وأحسن عليك خلافتي.
وان رزق الله جل وعز الحياة، ومد في الاجل إلى أن نكتب عنى ما أمليه عليك وتحفظ ما أسنده لك فذلك مناي وإلى الله جل وعزا رغب فيه، وان تكن الأخرى وتقدمت أيامي قبل ذلك فالله جل وعز خليفتي عليك وإياه اسئل ان يحفظني فيك ويحفظ صالح أجدادك من بكير، والى، كما حفظ للغلامين بصلاح أبيهما، فقد مر في بعض الحديث: انه كان بين أبيهما الذي حفظ له، وبينهما سبعمأة سنة، والله جل وعز حسبي فيك ونعم الوكيل. وعملت هذه الرسالة في ذي القعدة سنة ست وخمسين وثلثمأة، وجددت هذه النسخة سنة سبع وستين و ثلثمأة.
وقال النجاشي مترجما له: محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين، أبو طاهر الزراري، وكان أديبا، وسمع، وهو ابن ابن أبي غالب، شيخنا، له كتاب فضل الكوفة على البصرة وكتاب الموشح وكتاب جمل البلاغة.
قلت: وظاهر قوله: (شيخنا) ان محمد بن عبيد الله الزراري من مشايخ النجاشي وربما يومى إليه عدم ذكر طريق إلى كتبه، وهو آخر من سمى من آل زرارة بن أعين وقد انقرضوا مع كثرتهم وانتشارهم في البلدان كما تقدم. ولعل ذلك لكثرة