رأسا وإن وجب الترجيح والأخذ بالراجح قطعا بمقتضي الأصل الثانوي المؤسس فيهما قبلا لكن ذلك إذا لم تنهض حجة على التعيين أو التخيير بمعنى انه عجزنا عن الجمع بين الاخبار العلاجية ولم نستفد منها ان اللازم هل هو التخيير أو الترجيح واما إذا جمعنا بينها بتحكيم إطلاقات التخيير وحمل اخبار الترجيح كلها على الاستحباب أو غيره كما عرفته مفصلا مبسوطا فلا قيمة لهذا الأصل الثانوي أصلا ولا موجب لترجيح الراجح بنحو الإلزام أبدا.
(قوله هذا مضافا إلى ما هو في الإضراب من الحكم بالقبح إلى الامتناع إلى آخره) هذا جواب آخر عن الاستدلال المتقدم غير أنه عن خصوص إضراب المستدل من الحكم بقبح ترجيح المرجوح إلى الامتناع القطعي لا عن أصل الاستدلال بنفسه (وحاصله) ان ترجيح المرجوح على الراجح في الأفعال الاختيارية كاختيار أحد الكأسين مع كونه دون صاحبه في المزايا والجهات المحسنة بلا داعي عقلائي هو أمر قبيح عقلا وليس بممتنع أبدا وذلك لجواز وقوعه من غير الحكيم خارجا بلا استحالة له أصلا فإن الممتنع هو تحقق الشيء بلا علة وسبب وليس ترجيح المرجوح كذلك إذ يكفي إرادة الفاعل المختار علة له وسببا.
(نعم) يستحيل وقوع ذلك من الحكيم تعالى بالعرض بعد فرض كونه حكيما لا يرتكب القبيح أبدا.
(وبالجملة) ان ترجيح المرجوح على الراجح ليس أمرا ممتنعا لا ذاتا ولا وقوعا وإنما يستحيل وقوعه في الخارج من الحكيم خاصة بالعرض دون غيره وقد تقدمت الإشارة إلى كل من المحال الذاتي والعرضي في بحث إمكان التعبد بالأمارات الغير العلمية بنحو أبسط فراجع.
(قوله ومنها الأحكام الشرعية... إلخ) أي ومن الأفعال الاختيارية الأحكام الشرعية أي جعلها وتشريعها مثل جعل