في قولك لا خمر ولا مزمار في الإسلام أو لا أنصاب ولا أزلام في الإسلام فمع وجود لفظة الإسلام في المثالين ودخول لفظة (لا) على الأعيان الخارجية فيهما جميعا يفهم منهما عرفا حرمة الخمر والمزمار في الإسلام وهكذا حرمة الأنصاب والأزلام فيه بلا كلام (ثم لا يخفى) ان بناء على الوجه الثالث وهو كون النفي للنهي والتحريم شرعا الظاهر أن لفظة (لا) مستعملة فيما هو معناها الحقيقي من نفي حقيقة الضرر غايته انه ادعاء وكناية عن حرمته وعدم جوازه كما هو ظاهر قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج لا أنها مستعملة في النهي والتحريم مجازا فتأمل جيدا.
بقي أمور مهمة (الأول) ان الشيخ أعلى الله مقامه بعد ما اختار في الرسائل كون القاعدة لنفي الأحكام الضررية تكليفية كانت أو وضعية (قال) ما لفظه ويحتمل أن يراد من النفي النهي عن ضرر النفس أو الغير ابتداء أو مجازاتا لكن لا بد أن يراد بالنهي زائدا على التحريم الفساد وعدم المضي للاستدلال به في كثير من رواياته على الحكم الوضعي دون محض التكليف فالنهي هنا نظير الأمر بالوفاء في الشروط والعقود فكل إضرار بالنفس أو الغير محرم غير ماض على من أضره وهذا المعنى قريب من الأول بل راجع إليه (انتهى).
(ومحصله) انه على تقدير إرادة النهي من النفي لا بد من إرادة الفساد مع الحرمة دون محض التكليف فقط فكما ان الأمر بالوفاء في الشروط والعقود يكون للوجوب والصحة جميعا فكذلك النهي في المقام يكون للحرمة والفساد جميعا وذلك للاستدلال به في كثير من رواياته على نفي الحكم الوضعي فقوله صلى الله عليه وآله مثلا في رواية عقبة بن خالد المتقدمة بعد ما قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين