نفي الحقيقة ولو ادعاء وإلا لما دل على المبالغة (ببشاعة) استعمال الضرر وإرادة خصوص سبب من أسبابه يعني به الحكم الضرري وهكذا إرادة خصوص الضرر الغير المتدارك وأن إرادة النهي من النفي وإن كان ليس بعزيز الا انه لم يعهد من مثل هذا التركيب.
(أقول) أما الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة المتقدمة وهو نفي الضرر المجرد عن التدارك فمما لا شاهد عليه ولا يساعده فهم العرف فهذا الوجه بمعزل عن الصواب جدا وقد عبر عنه الشيخ أعلى الله مقامه في رسالته المستقلة بأردء الاحتمالات وهو كذلك فيبقى في البين الوجه الأول والثالث أي نفي الحكم الضرري أو كون النفي للنهي والتحريم شرعا ولعل الثالث هو أقرب عرفا وأظهر انسباقا سيما في مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرق قصة سمرة المتقدمة ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن فإن لفظة على مؤمن مما يشعر بحرمة الإضرار به كما لا يخفى (ويؤيده) قول أبي عبد الله عليه السلام في الروايتين الأخيرتين إن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم أو يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضر أخاه المؤمن فان الظاهر من الروايتين الأخيرتين هو التحريم بلا كلام (هذا كله مضافا) إلى ما سيأتي من الموهن القوي لإرادة نفي الأحكام الضررية من القاعدة المذكورة وهي كثرة التخصيصات بل التخصيص الأكثر.
(نعم قد يتوهم) أن كلمة الإسلام في مرسلة التذكرة وابن الأثير المتقدمة وهي لا ضرر ولا ضرار في الإسلام مما تناسب نفي الأحكام الضررية في الشريعة نظير نفي الأحكام الحرجية في الدين (أو يتوهم) أن استعمال كلمة (لا) كناية عن التحريم إنما يصح إذا دخل على فعل من أفعال المكلف نظير الرفث والفسوق والجدال لا على مثل الضرر مما هو اسم المصدر وهو النقص الوارد في المال أو البدن أو العرض (ولكن يدفعهما) أن شيئا منهما مما لا ينافي الظهور العرفي في الحرمة