ما نحن فيه وبين الشبهة الحكمية من المسائل المتقدمة التي حكمنا فيها بالبراءة هو أن نفس التكليف فيها مردد بين اختصاصه بالمعلوم وجوبه تفصيلا وبين تعلقه بالمشكوك وهذا الترديد لا حكم له بمقتضي العقل لأن مرجعه إلى المؤاخذة على ترك المشكوك وهي قبيحة بحكم العقل فالعقل والنقل الدالان على البراءة مبينان لتعلق التكليف بما عداه من أول الأمر في مرحلة الظاهر (انتهى).
في وجه عدول المصنف عن البراءة عن الحكم التكليفي إلى الوضعي (ثم ان هاهنا) أمورا لا بأس بالتنبيه عليها.
(الأول) انه من المحتمل أن يكون وجه عدول المصنف عن البراءة عن الحكم التكليفي وهو وجوب الأكثر أو وجوب الجزء المشكوك إلى البراءة عن الحكم الوضعي وهو جزئية ما شك في جزئيته (هو ما توهمه) بعض معاصري الشيخ أعلى الله مقامه من حكومة أصالة الاشتغال على أخبار البراءة من حديث الحجب وغيره فعدل عن الاستدلال بها لنفي الحكم التكليفي إلى الاستدلال بها لنفي الحكم الوضعي (قال الشيخ) أعلى الله مقامه بعد الفراغ عن تقريب البراءة النقلية (ما لفظه) ثم انه لو فرضنا عدم تمامية الدليل العقلي المتقدم يعني به البراءة العقلية بل كون العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الإجمالي بالتكليف المردد بين الأقل والأكثر كانت هذه الاخبار كافية في المطلب حاكمة على ذلك الدليل العقلي لأن الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان واجبا في الواقع فلا يقتضي العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل (قال) وقد توهم بعض المعاصرين عكس ذلك وحكومة أدلة الاحتياط على هذه الاخبار فقال لا نسلم