يرد عليه أولا خروج قيد " الشرعية " مستدركا، إذ الخمس المذكورة ليست إلا أمورا شرعية.
وثانيا: انتقاض العكس بخروج الوضعيات رأسا. وإن كان ذلك هو الشامل للوضعيات أيضا يرد عليه أول الأمرين وإن اندفع معه الأمر الثاني.
فلو قيل: لو اخترنا أول الاحتمالين وهو الحمل على المعنى الأخص يستقيم الحد ولا يلزم شئ من المحذورين.
أما عدم لزوم الأول: فلجواز كون المراد الخمس التكليفية لا بشرط كونها من الشارع أو من غيره كالموالي ونحوهم من الأعالي، فإن الخمس التكليفية تتحقق من الموالي بالقياس إلى عبيدهم، ومن الأمراء بالقياس إلى الرعية، كما تتحقق من الشارع بالقياس إلى المكلفين، فلو أريد " بالأحكام " ما يعم القسمين كان قيد " الشرعية " مخصصة لها بأحدهما وهو الخمس الصادرة من الشارع.
وأما عدم لزوم الثاني: فلأحد الوجهين، من أن الوضعيات لا ضير في خروجها، بناء على أنها ليست كالأحكام التكليفية من مجعولات الشارع بالأصالة، وإنما هي مفاهيم منتزعة ينتزعها العقل عن المجعولات فليست من جملة المحدود ليضر خروجها عن الحد، أو أنها ليست بخارجة لو حمل " الأحكام " على الخمس التكليفية، بناء على أنها آئلة إلى التكليفيات، فإن معنى سببية الدلوك للصلاة وجوب الصلاة عند الدلوك، ومعنى شرطية الطهارة لها وجوبها متلبسة بالطهارة، ومعنى مانعية الحيض لها حرمتها حال الحيض وهكذا.
لقلنا: هذا فاسد جدا، أما الأول: فلأن حيثية العموم إن أريد اعتبارها في مصطلح الفقهاء على معنى قيام اصطلاحهم على المعنى العام فهو كذب، حيث لم يعهد منهم اعتبار ذلك في شئ من موارد إطلاقات الألفاظ الواقعة على الخمس التكليفية، ضرورة أنهم لا يلاحظون عند إطلاق لفظ " الوجوب " أو " الحرمة " أو " الندب " أو " الكراهة " أو " الإباحة " إلا المفاهيم الخمس المعهودة من حيث إضافتها إلى الشارع.