له ولغيره من سائر جزئيات المشار إليه الكلي، ولذا يقال: إن " ذا " وضع بوضع واحد عام لجزئيات المشار إليه، وكذلك وضع " الإنسان " بإزاء الحيوان الناطق، فإنه ليس خاصا بزيد بل عام له ولسائر الجزئيات المندرجة تحت ذلك الكلي، وإن تعلق بالكلي.
ويشكل ذلك أيضا بعدم اطراده لأنه لا يتم في القسم الرابع، أعني الوضع الخاص والموضوع له الخاص، فالأولى جعل لحوقهما الوضع باعتبار عموم آلة الملاحظة وخصوصها.
وقد وقع الخلاف في وقوع القسم الثالث بعد اتفاقهم على جوازه عقلا وعلى جواز القسم الأول عقلا ووقوعه لغة في أسماء الأجناس وأشباهها، وعلى جواز القسم الثاني عقلا ووقوعه لغة أيضا في أعلام الأشخاص، وعلى عدم ثبوت القسم الرابع، وربما نفي الإشكال والخلاف في عدم وجوده.
وربما ادعي امتناعه، وعلل: بأن الجزئي لا يقع عنوانا للكلي وآلة لملاحظته، وتوجيهه: أن الجزئي عبارة عن الماهية مع التشخص، والتشخص إنما يلحق الماهية بواسطة انضمام المشخصات، فالماهية ما به اشتراك الجزئي مع سائر الجزئيات، والمشخصات ما به امتيازها عن سائر الجزئيات، والمحسوس المعائن منه عند الملاحظة إنما هو المجموع مما به الاشتراك وما به الامتياز، ووقوعه عنوانا للكلي - وهو الماهية المشتركة - ليوضع لها لفظ فرع على التمييز بين ما به الاشتراك وما به الامتياز، وهذا لا يتأتى بمجرد ملاحظة الجزئي، فلا يحصل بملاحظته تصور الكلي لا تفصيلا ولا إجمالا، فيستحيل الوضع بإزائه.
وبعبارة أخرى: أن الماهية المتحققة في الجزئي عبارة عما يلتئم من الذاتيات من الأجناس والفصول، والمشخصات المتحققة معها من باب العرضيات، والجزئي مشتمل عليهما، ولا يقع عنوانا للكلي وآلة لملاحظته إلا بعد التمييز بين ذاتياته وعرضياته، وهو بمجرد تصور الجزئي غير ممكن، فلا يحصل تصور الكلي وهو الماهية المشتركة من تصوره، فيستحيل الوضع له.