بالكناية، ثم أثبتت له ما هو من خواص المشبه به وهو " القيام " ليكون استعارة تخييلية ولا يخلو عن ضعف، لأنه في الحقيقة مجاز في الإسناد لا في المسند إليه على وجه يكون مجازا في الكلمة، وأما توهم الاستعارة التمثيلية فيه بالبيان المتقدم، أو بأن يقال: شبه اشتداد الحرب الذي هو حالة منتزعة عن متعدد باستقرار قيام الرجل المبني على أعمال الساق الذي هو حالة منتزعة عن متعدد آخر، ثم أطلق اللفظ الدال على المشبه به بالمطابقة على المشبه فغير سديد، لوضوح ان الحرب من ألفاظ المتعدد في جانب المشبه لا من ألفاظ المتعدد في جانب المشبه به، وقاعدة الاستعارة التمثيلية يقتضي كون مفردات المركب بأجمعها من ألفاظ المشبه به، كما في " أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى " حيث يرد مجازا عن المتردد.
وبالجملة، هذا المركب كالمركب السابق - حسبما تقدم الإشارة إليه - خارج عن ضابط الاستعارة التمثيلية، غير أنه لو صححنا هذه الاستعارة فيهما وثبت أن العرب في إطلاقاتهم لهما كانوا يقصدون بهما هذا النحو من الاستعارة، لكان الاستدلال بهما في محله، فيثبت بهما غرض القائل بوقوع المجاز بلا حقيقة، إذ لم يعقل استعمالهما في معنييهما الحقيقيين على وجه لم يتطرق تجوز إليهما ولا إلى مفرداتهما، وكان ذلك هو وجه الاستدلال لا ما يوهم من ابتناء الاستدلال على جعل الإسناد فيهما مجازيا، حتى يتوجه إليه تارة: أن المركبات الدالة على الإسناد لا وضع لها، والمجاز يتبع الوضع وحيث لا وضع فلا مجاز.
وأخرى: منع كون الإسناد مما يتطرق إليه المجاز، ولو قلنا بوضع الهيئة التركيبية له، لأنه على جهة واحدة ويقع في جميع موارده على وجه الحقيقة، وإن كان قد يتطرق التصرف إلى متعلقه المعبر عنه بالفاعل، بأن يقيم غير الفاعل مقام الفاعل الحقيقي ويعطي حكمه حتى يصح إسناد الفعل إليه على وجه الحقيقة، وتطلق عليه التجوز، غير أنه تجوز بالمجاز العقلي المقابل للمجاز اللغوي، ولا كلام فيه لعدم استلزامه تجوزا في اللفظ كما هو محل الكلام، وإنما هو أمر عقلي