يستدعي معنى يكون موضوعا له، كما أن الاستعمال يستدعي معنى يكون مستعملا فيه وقد فرضتم انتفاءه.
والأولى أن يقال - في تقرير هذا الجواب -: إن المراد بفقد ما يكون حقيقة إن كان فقد معنى آخر يكون معنى حقيقيا غير المعنى الذي أستعمل فيه هذان المركبان فهو اعتراف بفقد معنى آخر يكون موضوعا له، ولازمه كون المستعمل فيه المفروض هو الموضوع له، لاستحالة المجاز بدون الموضوع له باتفاق الفريقين، فبطل به دعوى مجازية هذا الاستعمال، فيكون المثالان على هذا التقدير من الحقيقة بدون المجاز لا العكس، كما هو المقصود بالاستدلال، وإن كان فقد ما به يصير ذلك المعنى الآخر حقيقة وهو الاستعمال كما هو محل الكلام، فغايته عدم الوجدان الغير المستلزم لعدم الوجود، مع إن المركبات على تقدير الوضع فيها وضعها نوعي متعلق بالهيئة التركيبية.
ولا ريب أن الهيئة التركيبية الموجودة في هذين المركبين مستعملة في ضمن غير هذه المفردات في وضعها الأصلي، وهذا يكفي في تحقق الحقيقة بالنسبة إلى هذا المجاز، مع أنه يجوز أن يكون الأصل المستعمل في الموضوع له في " قامت الحرب على ساق " قامت رجال الحرب على ساق، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وأسند القيام على ساق إليها لعلاقة المسببية، نظرا إلى أن الرجال سبب فاعلي لها.
ومن هنا ينقدح احتمال آخر في هذا المركب، وهو كون المجاز فيه من باب مجاز الحذف والإضمار، لا المجاز في المركب ولا الكلمة.
ومنها: الحل، بأن الوضع والاستعمال لا يستدعيان تحقق المعنى في الواقع لتحققهما بالنسبة إلى الممتنعات، فإن قولنا: " الواحد ضعف الاثنين " و " الجزء أعظم من الكل " و " النقيضان يجتمعان أو يرتفعان " إلى غير ذلك من الأخبار الكاذبة موضوع للإسناد، وإلا لما صدق على القائل به أنه مخبر كاذب، مع إن المعنى لا تحقق له إلا بحسب الفرض، فإن أريد بالمعنى الحقيقي المحكوم بفقده ما يتناول المتحقق بحسب الفرض، منعنا فقده في المثالين.