والخاصة ما تعين واضعه كما في اصطلاحات أرباب العلوم والصناعات، فإنها مختصة بهم، لحصول الغلبة والاشتهار في معانيها عندهم.
ثم فرق بينهما من وجه آخر، وهو عموم الاستعمال في الأول وخصوصه في الثاني، فإن الخاصة إنما تكون حقيقة لو كان المستعمل لها من أهل الاصطلاح، فإن " الفعل " مثلا إذا استعمله غير النحاة فيما يقابل الاسم والحرف كان مجازا، لكونه مستعملا في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب.
ثم قال: ومن هذا يعلم أن الفرق بين العرفية العامة والخاصة من وجهين، تعين الواضع وعدمه، وعموم الاستعمال على وجه الحقيقة وخصوصه.
ثم فرع على هذين الفرقين خروج الأعلام الشخصية عن القسمين، قائلا:
بأنها تفارق العامة من الوجه الأول، لاختصاص الموضوع فيها بواحد معين غالبا، والخاصة من الوجه الثاني، فإنها إذا استعملت في مسمياتها كانت حقيقة من أي مستعمل كان كالعرفية العامة.
وفيه نظر: فإن ما أفاده في وجه عدم تعين الواضع في العامة يقضي بانحصار الوضع فيها في التعين الناشئ عن الاشتهار والغلبة.
وقد عرفت من تصريحاتهم ما يقضي بخلافه، وعليه فقد يتعين الواضع في العامة أيضا، إذا وضعها واحد معين أو جماعة معينة تعيينا، فأخذها منهما الباقون من باب التسليم والإمضاء، بل صدور الوضع تعيينا فيها عن الجميع على وجه اجتمع الكل على إيجاده مما يستحيله العادة، فهذا الوضع حيثما تحقق لا يصدر إلا عن بعض معين، وكون الاستعمال على وجه الحقيقة خاصا في الخاصة على إطلاقه غير سديد، وإنما يسلم ذلك إذا لم يكن مستند الاستعمال في لحاظ المستعمل هو الوضع العرفي الخاص، الثابت عند أهل الاصطلاح بذلك اللفظ والمعنى. ولا ريب إن الاستعمال حيثما وقع على هذا الوجه كان مجازا، وإن كان المستعمل من أهل الاصطلاح.
فمناط الحقيقية إنما هو استناد الاستعمال من أي مستعمل كان إلى الوضع