فاضت نفسه وفارق الدنيا رحمة الله عليه فإن ظن ظان جاهل أن الاستكثار من الدنيا ليس به بأس أو غلب عليه الجهل فظن أن ذلك أفضل من طلب الكفاف منها وشبه عليه بقول الله تعالى: (ووجدك عائلا فأغنى) [الضحى: 8] فيما عدده سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم من نعمه عنده فإن ذلك ليس كما ظن بل ذلك غنى القلب دلت على ذلك الآثار الكثيرة كقوله عليه السلام " ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس " انتهى.
وقوله سبحانه: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم...) الآية لما ذكر تعالى المغفرة التي في الآخرة ندب في هذه الآية إلى المسارعة إليها والمسابقة وهذه الآية حجة عند جميع العلماء في الندب إلى الطاعات وقد استدل بها بعضهم على أن أول أوقات الصلوات أفضل لأنه يقتضي المسارعة والمسابقة وذكر سبحانه العرض من الجنة إذ المعهود أنه أقل من الطول وقد ورد في الحديث: " أن سقف الجنة العرش " وورد في الحديث: " أن السماوات السبع في الكرسي كالدرهم في الفلاة وأن الكرسي في العرش كالدرهم في الفلاة ".
(ت): أيها الأخ أمرك المولى سبحانه بالمسابقة والمسارعة رحمة منه وفضلا فلا تغفل عن امتثال أمره وإجابة دعوته: [الخفيف] السباق السباق قولا وفعلا * حذر النفس حسرة المسبوق.
ذكر صاحب " معالم الإيمان وروضات الرضوان " في مناقب صلحاء القيروان قال:
ومنهم أبو خالد عبد الخالق المتعبد كان كثير الخوف والحزن وبالخوف مات رأى يوما خيلا يسابق بها فتقدمها فرسان ثم تقدم أحدهما على الآخر ثم جد التالي حتى سبق الأول فتخلل عبد الخالق الناس حتى وصل إلى الفرس السابق فجعل يقبله ويقول: بارك الله فيك صبرت فظفرت ثم سقط مغشيا عليه انتهى.