ثم اختلفت هذه الفرقة في معنى هذا الاستئناف فقال بعضها معنى الآية: والشهداء بأنهم صديقون حاضرون عند ربهم وعنى بالشهداء الأنبياء - عليهم السلام -.
(ت) وهذا تأويل بعيد من لفظ الآية وقال بعضها: قوله: (والشهداء) ابتداء يريد به الشهداء في سبيل الله واستأنف الخبر عنهم بأنهم: (عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) فكأنه جعلهم صنفا مذكورا وحده.
(ت) وأبين هذه الأقوال الأول وهذا الأخير وإن صح حديث البراء لم يعدل عنه قال أبو حيان: والظاهر أن (الشهداء) مبتدأ خبره ما بعده انتهى.
وقوله تعالى: (ونورهم) قال الجمهور: هو حقيقة حسبما تقدم.
وقوله سبحانه: (اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو) هذه الآية وعظ وتبيين لأمر الدنيا وضعة منزلتها والحياة الدنيا في هذه الآية عبارة عن الأشغال والتصرفات والفكر التي هي مختصة بالحياة الدنيا وأما ما كان من ذلك في طاعة الله وما كان في الضرورات التي تقيم الأود وتعين على الطاعات فلا مدخل له في هذه الآية وتأمل حال الملوك بعد فقرهم يبن لك أن جميع ترفههم لعب ولهو والزينة التحسين الذي هو خارج عن ذات الشئ والتفاخر بالأموال والأنساب وغير ذلك على عادة الجاهلية ثم ضرب الله عز وجل مثل الدنيا فقال: (كمثل غيث...) الآية وصورة هذا المثال أن الانسان ينشأ في حجر مملكة فما دون ذلك فيشب في النعمة ويقوى ويكسب المال والولد ويغشاه الناس ثم يأخذ بعد ذلك في انحطاط ويشيب ويضعف ويسقم وتصيبه النوائب في ماله وذريته ويموت ويضمحل أمره وتصير أمواله لغيره وتتغير رسومه فأمره مثل مطر أصاب أرضا فنبت عن ذلك الغيث نبات معجب أنيق ثم هاج أي: يبس واصفر ثم تحطم ثم تفرق بالرياح واضمحل.
وقوله: (أعجب الكفار) أي: الزراع فهو من كفر الحب أي: ستره وقيل:
يحتمل أن يعني الكفار بالله لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا ثم قال تعالى: (وفي الآخرة