بمعنى مغفولا عنه أي نتركه يمر لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبره فكان المعنى أفنترككم سدى وهذا هو منحى قتادة وغيره وقرأ نافع وحمزة والكسائي " ان كنتم " بكسر الهمزة وهو جزاء دل ما تقدمه على جوابه وقرأ الباقون بفتحها بمعنى: من أجل أن والاسراف في الآية هو كفرهم.
" وكم أرسلنا من نبي في الأولين " أي في الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم.
" وما يأتيهم من نبي الا كانوا به يستهزئون " أي كما يستهزئ قومك بك وهذه الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتهديد بأن يصيب قريشا ما أصاب من هو أشد بطشا منهم.
(ومضى مثل الأولين) أي سلف أمرهم وسنتهم وصاروا عبرة غابر الدهر أنشد صاحب " عنوان الدراية " لشيخه أبي عبد الله التميمي: [البسيط] يا ويح من غره دهر فسر به * لم يخلص الصفو الا شيب بالكدر.
هو الحمام فلا تبعد زيارته * ولا تقل ليتني منه على حذر.
انظر لمن باد تنظر آية عجبا * وعبرة لأولي الألباب والعبر.
أين الألى جنبوا خيلا مسومة * وشيدوا إرما خوفا من القدر.
لم تغنهم خيلهم يوما وإن كثرت * ولم تفد إرم للحادث النكر.
بادوا فعادوا حديثا ان ذا عجب * ما أوضح الرشد لولا سئ النظر.
تنافس الناس في الدنيا وقد علموا * أن المقام بها كاللمح بالبصر.
انتهى.