وهدي الشريعة سماه روحا من حيث يحي به البشر والعالم كما يحي الجسد بالروح فهذا على جهة التشبيه.
وقوله تعالى: (من أمرنا) أي واحد من أمورنا ويحتمل أن يكون الأمر بمعنى الكلام و (من) لابتداء الغاية.
وقوله تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان) توقيف على مقدار النعمة والضمير في (جعلناه) عائد على الكتاب و (نهدي) بمعنى نرشد وقرأ جمهور الناس " وانك لتهدي " بفتح التاء وكسر الدال وقرأ حوشب " لتهدي " بضم التاء وفتح الدال وقرأ عاصم " لتهدي " بضم التاء وكسر الدال.
وقوله: (صراط الله) يعني صراط شرع الله ثم استفتح سبحانه القول في الاخبار بصيرورة الأمور إليه سبحانه مبالغة وتحقيقا وتثبيتا فقال (الا إلى الله تصير الأمور) قال الشيخ / العارف بالله أبو الحسن الشاذلي رحمه الله إن أردت أن تغلب الشر كله وتلحق الخير كله ولا يسبقك سابق وإن عمل ما عمل فقل: يا من له الخير كله أسألك الخير كله وأعوذ بك من الشر كله فإنك أنت الله الغني الغفور الرحيم أسألك بالهادي محمد صلى الله عليه وسلم إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض الا إلى الله تصير الأمور اللهم إني أسألك مغفرة تشرح بها صدري وتضع بها وزري وترفع بها ذكرى وتيسر بها أمري وتنزه بها فكري وتقدس بها سري وتكشف بها ضري وترفع بها قدري انك على كل شئ قدير، اه.
* قلت * قوله تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب): هذا بين وقوله (ولا الايمان) فيه تأويلات قيل معناه ولا شرائع الايمان ومعالمه قال أبو العالية يعني الدعوة إلى الايمان وقال الحسين ابن الفضل: يعني أهل الايمان من يؤمن ومن لا يؤمن وقال ابن خزيمة الايمان هنا الصلاة دليله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) [البقرة: 143] قال ابن أبي الجعد وغيره احترق مصحف فلم يبق منه الا: (الا إلى الله تصير الأمور) وغرق مصحف فامحى كله الا قوله: (الا إلى الله تصير الأمور) نقله الثعلبي وغيره انتهى.
قال العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي لطف الله به في الدارين قد يسر الله عز وجل في تحرير هذا المختصر وقد أودعته بحمد الله