وقوله سبحانه: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) الآية ابتداء احتجاج على قريش / يوجب عليهم التناقض من حيث أقروا بالخالق وعبدوا غيره وجاءت العبارة عن الله ب (العزيز العليم) ليكون ذلك توطئة لما عدد سبحانه من أوصافه التي ابتدأ الأخبار بها وقطعها من الكلام الذي حكى معناه عن قريش.
وقوله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون) الآية هذه أوصاف فعل وهي نعم من الله سبحانه على البشر تقوم بها الحجة على كل مشرك.
وقوله: (الذي جعل لكم) ليس هو من قول المسؤولين بل هو ابتداء اخبار من الله تعالى.
وقوله سبحانه: (والذي نزل من السماء ماء بقدر) قيل معناه بقدر في الكفاية للصلاح لا إكثار فيفسد ولا قلة فيقصر بل غيثا مغيثا وقيل: (بقدر) أي: بقضاء وحتم وقالت فرقة معناه بتقدير وتحرير أي قدر ماء معلوما ثم اختلف قائلو هذه المقالة فقال بعضهم ينزل في كل عام ماء قدرا واحدا لا يفضل عام عاما لكن يكثر مرة ههنا ومرة ههنا وقال بعضهم بل ينزل تقديرا ما في عام وينزل في آخر تقديرا ما وينزل في آخر تقديرا آخر بحسب ما سبق به قضاؤه لا اله الا هو.
قلت: وبعض هذه الأقوال لا تقال من جهة الرأي بل لا بد لها من سند (وأنشرنا) معناه: أحيينا يقال نشر الميت وأنشره الله والأزواج هنا الأنواع من كل شئ و (من) في قوله (من الفلك والانعام) للتبعيض والضمير في (ظهوره) عائد على النوع المركوب الذي وقعت عليه " ما " وقد بينت آية أخرى ما يقال عند ركوب الفلك وهو " بسم الله مجراها ومرساها ان ربي لغفور رحيم " [هود: 41] وانما هذه خاصة فيما يركب من الحيوان وان قدرنا أن ذكر النعمة هو بالقلب والتذكر بدأ الراكب ب (سبحان الذي سخر لنا هذا) وهو يرى نعمة الله في ذلك وفي سواه و (مقرنين) أي مطيقين وقال أبو حيان (مقرنين) خبر كان ومعناه غالبين ضابطين انتهى وهو بمعنى الأول (وانا إلى ربنا لمنقلبون) أمر بالإقرار بالبعث.