قوله تعالى: وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون (105) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106) أفأمنوا أن تأتيهم غشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون (107) قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين (108) قوله تعالى: (وكأين من آية في السماوات والأرض) قال الخليل وسيبويه: هي " أي " دخل عليها كاف التشبيه وبنيت معها، فصار في الكلام معنى كم، وقد مضي في " آل عمران " (1) القول فيها مستوفى. ومضى القول في آية " السماوات والأرض " في " البقرة " (2).
وقيل: الآيات آثار عقوبات الأمم السالفة، أي هم غافلون معرضون عن تأملها. وقرأ عكرمة وعمرو بن فائد " والأرض " رفعا ابتداء، وخبره. (يمرون عليها). وقرأ السدي " والأرض " نصبا بإضمار فعل، والوقف على هاتين القراءتين على " السماوات ". وقرأ ابن مسعود: " يمشون عليها ".
قوله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) نزلت في قوم أقروا بالله خالقهم وخالق الأشياء كلها، وهم يعبدون الأوثان، قاله الحسن ومجاهد وعامر الشعبي وأكثر المفسرين. وقال عكرمة هو قوله: " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " (3) [الزخرف: 87] ثم يصفونه بغير صفته ويجعلون له أندادا، وعن الحسن أيضا: أنهم أهل كتاب معهم شرك وإيمان، آمنوا بالله وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلا يصح إيمانهم، حكاه ابن الأنباري. وقال ابن عباس: نزلت في تلبية مشركي العرب: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. وعنه أيضا أنهم النصارى. وعنه أيضا أنهم المشبهة، آمنوا مجملا وأشركوا