قوله تعالى: (يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي) جمع الرؤيا رؤي: أي أخبروني بحكم هذه الرؤيا. (إن كنتم للرؤيا تعبرون) العبارة مشتقة من عبور النهر، فمتى عبرت النهر، بلغت شاطئه، فعابر، الرؤيا (1) يعبر بما يؤول إليه أمرها. واللام في " للرؤيا " للتبيين، أي إن كنتم تعبرون، ثم بين فقال: للرؤيا، قاله الزجاج.
قوله تعالى: قالوا أضغث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعلمين (44) فيه مسئلتان:
الأولى - قوله تعالى: (أضغاث أحلام) قال الفراء: ويجوز " أضغاث أحلام " قال النحاس: النصب بعيد، لأن المعنى: لم تر شيئا له تأويل، إنما هي أضغاث أحلام، أي أخلاط.
وواحد الأضغاث ضغث، يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما ضغث، قال الشاعر:
كضغث حلم غر منه حالمه (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) قال الزجاج: المعنى بتأويل الأحلام المختلطة، نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له، لا أنهم نفوا عن أنفسهم علم التأويل. وقيل:
نفوا عن أنفسهم علم التعبير. والأضغاث على هذا الجماعات من الرؤيا التي منها صحيحة ومنها باطلة، ولهذا قال ا لساقي: " أنا أنبئكم بتأويله " فعلم أن القوم عجزوا عن التأويل، لا أنهم ادعوا ألا تأويل لها. وقيل: إنهم لم يقصدوا تفسيرا، وإنما أرادوا محوها من صدر الملك حتى لا تشغل باله، وعلى هذا أيضا فعندهم علم. و " الأحلام " جمع حلم، والحلم بالضم ما يراه النائم، تقول منه: حلم بالفتح واحتلم، وتقول: حلمت بكذا وحلمته، قال:
فحملتها وبنو رفيدة (2) دونها * لا يبعدن خيالها المحلوم أصله الأناة، ومنه الحلم ضد الطيش، فقيل لما يرى في النوم حلم لأن النوم حالة أناة وسكون ودعة