من عباده، وأنه لا يعلم الغيب، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل. (ولا أقول إني ملك) أي لا أقول إن منزلتي عند الناس منزلة الملائكة. وقد قالت العلماء: الفائدة في الكلام الدلالة على أن الملائكة أفضل من الأنبياء، لدوامهم على الطاعة، واتصال عباداتهم إلى يوم القيامة، صلوات الله عليهم أجمعين. وقد تقدم هذا المعنى في " البقرة " (1). (ولا أقول للذين تزدري أعينكم) أي تستثقل وتحتقر أعينكم، والأصل تزدريهم حذفت الهاء والميم لطول الاسم. والدال مبدلة من تاء، لأن الأصل في تزدري تزتري، ولكن التاء تبدل بعد الزاي دالا، لأن الزاي مجهورة والتاء مهموسة، فأبدل من التاء حرف مجهور من مخرجها. ويقال:
أزريت عليه إذا عبته. وزريت عليه إذا حقرته. وأنشد الفراء:
يباعده الصديق وتزدريه * حليلته وينهره الصغير (لن يؤتيهم الله من خيرا) أي ليس لاحتقاركم لهم تبطل أجورهم، أو ينقص ثوابهم.
(الله أعلم بما في أنفسهم) فيجازيهم عليه ويؤاخذهم به. (إني إذا لمن الظالمين) أي إن قلت هذا الذي تقدم ذكره. و " إذا " ملغاة، لأنها متوسطة.
قوله تعالى: قالوا ينوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (32) قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين (33) ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون (34) أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا برئ مما تجرمون قوله تعالى: (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) أي خاصمتنا فأكثرت خصومتنا وبالغت فيها. والجدل في كلام العرب المبالغة في الخصومة، مشتق من الجدل