قوله تعالى: قال يقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وآتني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (28) ويقوم لا أسئلكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون (29) ويقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون (30) ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين (31) قوله تعالى: (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى) أي على يقين، قاله أبو عمران الجوني. وقيل: على معجزة، وقد تقدم في " الأنعام " (1) هذا المعنى. (وآتاني رحمة من عنده) أي نبوة ورسالة، عن ابن عباس، وهي رحمة على الخلق. وقيل: الهداية إلى الله بالبراهين. وقيل: بالإيمان والإسلام. (فعميت عليكم) (2) أي عميت عليكم الرسالة والهداية فلم تفهموها. يقال: عميت عن كذا، وعمي علي كذا أي لم أفهمه. والمعنى: فعميت الرحمة، فقيل: هو مقلوب، لأن الرحمة لا تعمى إنما يعمى عنها، فهو كقولك: أدخلت في القلنسوة رأسي، ودخل الخف في رجلي. وقرأها الأعمش وحمزة والكسائي " فعميت " بضم العين وتشديد الميم على ما لم يسم فاعله، أي فعماها الله عليكم، وكذا في قراءة أبي " فعماها " ذكرها الماوردي. (أنلزمكموها) قيل: شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل:
الهاء ترجع إلى الرحمة. وقيل: إلى البينة، أي أنلزمكم قبولها، وأوجبها عليكم؟! وهو استفهام بمعنى الإنكار، أي لا يمكنني أن أضطركم إلى المعرفة بها، وإنما قصد نوح عليه السلام