فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (واسأل القرية التي كنا فيها والعير) حققوا بها شهادتهم عنده، ورفعوا التهمة عن أنفسهم لئلا يتهمهم. فقولهم: (وأسأل القرية) أي أهلها، فحذف، ويريدون بالقرية مصر. وقيل: قرية من قراها نزلوا بها وامتاروا منها. وقيل المعنى " واسأل القرية " وإن كانت جمادا، فأنت نبي الله، وهو (1) ينطق الجماد له، وعلى هذا فلا حاجة إلى إضمار، قال سيبويه: ولا يجوز كلم هندا وأنت تريد غلام هند، لأن هذا يشكل.
والقول في العير كالقول في القرية سواء. (وإنا لصادقون) في قولنا.
الثانية - في هذه الآية من الفقه أن كل من كان على حق، وعلم أنه قد يظن به أنه على خلاف ما هو عليه أو يتوهم أن يرفع التهمة وكل ريبة عن نفسه، ويصرح (2) بالحق الذي هو عليه، حتى لا يبقى لأحد متكلم، وقد فعل هذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله للرجلين اللذين مرا وهو قد خرج مع صفية يقلبها (3) من المسجد: " على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي " فقالا: سبحان الله وكبر عليهما فقال النبي: " إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا " رواه البخاري ومسلم.
قوله تعالى: قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبرا جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم (83) فيه مسئلتان: الأولى - قوله تعالى: (قال بل سولت) أي زينت. (لكم أنفسكم) أن ابني سرق وما سرق، وإنما ذلك لأمر يريده الله. (فصبر جميل) أي فشأني صبر جميل، أو صبر جميل أولى بي، على ما تقدم أول السورة.