أبصارهم حتى يختاروا ما فيه البلاء ويعملوه، فيمشون إلى هلاكهم بأقدامهم، حتى يبحث أحدهم عن حتفه بكفه، ويسعى بقدمه إلى إراقة دمه. (وما لهم من وال) أي ملجأ، وهو معنى قول السدي. وقيل: من ناصر يمنعهم من عذابه، وقال الشاعر:
ما في السماء سوى الرحمن من وال ووال وولي كقادر وقدير.
قوله تعالى: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال (12) ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (13) قوله تعالى: (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال) أي بالمطر.
" والسحاب " جمع، والواحدة سحابة، وسحب وسحائب في الجمع أيضا. (ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق) قد مضى في " البقرة " (1) القول في الرعد والبرق والصواعق فلا معنى للإعادة، والمراد بالآية بيان كمال قدرته، وأن تأخير العقوبة ليس عن عجز، أي يريكم البرق في السماء خوفا للمسافر، فإنه يخاف أذاه لما ينال من المطر والهول والصواعق، قال الله تعالى: " أذى من مطر " (2) [النساء: 102] وطمعا للحاضر أن يكون عقبه مطر وخصب، قال معناه قتادة ومجاهد وغيرهما. وقال الحسن: خوفا من صواعق البرق، وطمعا في غيثه المزيل للقحط.
" وينشئ السحاب الثقال " قال مجاهد: أي بالماء. " ويسبح الرعد بحمده " من قال إن الرعد صوت السحاب فيجوز أن يسبح الرعد بدليل خلق الحياة فيه، ودليل صحة هذا القول قوله:
" والملائكة من خيفته " فلو كان الرعد ملكا لدخل في جملة الملائكة. ومن قال إنه ملك قال: معنى. " من خيفته " من خيفة الله، قاله الطبري وغيره. قال ابن عباس: إن الملائكة