أبيه. (رأيتهم) توكيد. وقال: " رأيتهم لي ساجدين " فجاء مذكرا، فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لما أخبر عن هذه الأشياء بالطاعة السجود وهما من أفعال من يعقل أخبر عنهما كما يخبر عمن يعقل. وقد تقدم هذا المعنى في قوله: " وتراهم ينظرون إليك (1) ". والعرب تجمع مالا يعقل جمع من يعقل إذا أنزلوه منزله، وإن كان خارجا عن الأصل. قوله تعالى: قال يبنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين (5) وفيه إحدى عشرة مسألة:
الأولى - قوله تعالى: (فيكيدوا لك كيدا) أي يحتالون في هلاكك، لأن تأويلها ظاهر، فربما يحملهم الشيطان على قصدك بسوء حينئذ. واللام في " لك " تأكيد، كقوله: " إن كنتم للرؤيا تعبرون ".
الثانية - الرؤيا حالة شريفة، ومنزلة رفيعة، قال صلى الله عليه وسلم: " لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له ". وقال:
أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ". وحكم صلى الله عليه وسلم بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، وروى " من سبعين جزءا من النبوة ". وروى من حديث ابن عباس رضي الله عنهما " جزءا من أربعين جزءا من النبوة ". ومن حديث ابن عمر " جزء من تسعة وأربعين جزءا ". ومن حديث العباس " جزء من خمسين جزءا من النبوة ". ومن حديث أنس " من ستة وعشرين " وعن عبادة بن الصامت " من أربعة وأربعين من النبوة ". والصحيح منها حديث الستة والأربعين، ويتلوه في الصحة حديث السبعين، ولم يخرج مسلم في صحيحه غير هذين الحديثين، أما سائرها فمن أحاديث الشيوخ، قاله ابن بطال. قال أبو عبد الله المازوي:
والأكثر والأصح عند أهل الحديث " من ستة وأربعين ". قال الطبري: والصواب أن