يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إليه، فكمل الدين، وأوضح السبيل، قال الله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " (1) [المائدة: 3].
قوله تعالى: (ذلك ذكرى للذاكرين) أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر، وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى. والذكرى مصدر جاء بألف التأنيث.
قوله تعالى: واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (115) فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين (116) قوله تعالى: (واصبر) أي على الصلاة، كقوله: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " (2) [طه: 132].
وقيل: المعنى واصبر يا محمد على ما تلقى من الأذى. (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) يعني المصلين.
قوله تعالى (فلولا كان) أي فهلا كان. (من القرون من قبلكم) أي من الأمم التي قبلكم. (أولو بقية) أي أصحاب طاعة ودين وعقل وبصر. (ينهون) قومهم. (عن الفساد في الأرض) لما أعطاهم الله تعالى من العقول وأراهم من الآيات، وهذا توبيخ للكفار.
وقيل: ولولا هاهنا للنفي، أي ما كان من قبلكم، كقوله: " فلولا كانت قرية آمنت " (3) [يونس: 98] أي ما كانت.
(إلا قليلا) استثناء منقطع، أي لكن قليلا. (ممن أنجينا منهم) نهوا عن الفساد في الأرض.
قيل: هم قوم يونس، لقوله: " إلا قوم يونس ". وقيل: هم أتباع الأنبياء وأهل الحق.
(واتبع الذين ظلموا) أي أشركوا وعصوا. (ما أترفوا فيه) أي من الاشتغال بالمال واللذات، وإيثار ذلك على الآخرة. (وكانوا مجرمين).