لأنه يجئ من كل وجه. وروى ورش عن نافع " الذيب " بغير همز، لما كانت الهمزة ساكنة وقبلها كسرة فخففها صارت ياء. (وأنتم عنه غافلون) أي مشغلون بالرعي.
قوله تعالى: (قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة) أي جماعة نرى الذئب ثم لا نرده عنه. (إنا إذا لخاسرون) أي في حفظنا أغنامنا، أي إذا كنا لا نقدر على دفع الذئب عن أخينا فنحن أعجز أن ندفعه عن أغنامنا. وقيل: " لخاسرون " لجاهلون بحقه. وقيل: لعاجزون.
قوله تعالى: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيبت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون (15) قوله تعالى: (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه) " أن " في موضع نصب، أي على أن يجعلوه في غيابة الجب. قيل في القصة: إن يعقوب عليه السلام لما أرسله معهم أخذ عليهم ميثاقا غليظا ليحفظنه، وسلمه إلى روبيل وقال: يا روبيل! إنه صغير، وتعلم يا بني شفقتي عليه، فإن جاع فأطعمه، وإن عطش فاسقه، وإن أعيا (1) فاحمله ثم عجل برده إلي. قال:
فأخذوا يحملونه على أكتافهم، لا يضعه واحد إلا رفعه آخر، ويعقوب يشيعهم ميلا ثم رجع، فلما انقطع بصر أبيهم عنهم رماه الذي كان يحمله إلى الأرض حتى كاد ينكسر، فالتجأ إلى آخر فوجد عند كل واحد منهم أشد مما عند الآخر من الغيظ والعسف، فاستغاث بروبيل وقال: " أنت أكبر إخوتي، والخليفة من بعد والدي علي، وأقرب الإخوة إلي، فارحمني وارحم ضعفي " فلطمه لطمة شديدة وقال: لا قرابة بيني وبينك، فادع الأحد عشرك كوكبا فلتنجك منا، فعلم أن حقدهم من أجل رؤياه، فتعلق بأخيه يهوذا وقال: يا أخي! ارحم ضعفي وعجزي وحداثة سني، وارحم قلب أبيك يعقوب، فما أسرع ما تناسيتم وصيته ونقضتم عهده، فرق قلب يهوذا فقال: والله لا يصلون إليك أبدا ما دمت حيا، ثم قال: يا إخوتاه!
إن قتل النفس التي حرم الله من أعظم الخطايا، فردوا هذا الصبي إلى أبيه، ونعاهده