ويقال: أفند فلانا الدهر إذا أفسده، ومنه قول ابن مقبل:
دع الدهر يفعل ما أراد فإنه * إذا كلف الإفناد بالناس أفندا قوله تعالى: (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) أي لفي ذهاب عن طريق الصواب.
وقال ابن عباس وابن زيد: لفي خطئك الماضي من حب يوسف لا تنساه. وقال سعيد بن جبير: لفي جنونك القديم. قال الحسن: وهذا عقوق. وقال قتادة وسفيان: لفي محبتك القديمة. وقيل: إنما قالوا هذا، لأن يوسف عندهم كان قد مات. وقيل: إن الذي قال له ذلك من بقي معه من ولده ولم يكن عندهم الخبر. وقيل: قال له ذلك من كان معه من أهله وقرابته. وقيل: بنو بنيه وكانوا صغارا، فالله أعلم.
قوله تعالى: (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجه) أي على عينيه. (فارتد بصيرا) " أن " زائدة، والبشير قيل هو شمعون. وقيل: يهوذا قال: أنا أذهب بالقميص اليوم كما ذهبت به ملطخا بالدم، قاله ابن عباس. وعن السدي أنه قال لإخوته: قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص الترحة فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة. وقال يحيى بن يمان عن سفيان:
لما جاء البشير إلى يعقوب قال له: على أي دين تركت يوسف؟ قال: على الإسلام، قال:
الآن تمت النعمة، وقال الحسن: لما ورد البشير على يعقوب لم يجد عنده شيئا يثيبه به، فقال: والله ما أصبت عندنا شيئا، وما خبزنا شيئا منذ سبع ليال، ولكن هون الله عليك سكرات الموت.
قلت: وهذا الدعاء من أعظم ما يكون من الجوائز، وأفضل العطايا والذخائر. ودلت هذه الآية على جواز البذل والهبات عند البشائر. وفي الباب حديث كعب بن مالك - الطويل - وفيه: " فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته " وذكر الحديث، وقد تقدم بكماله في قصة الثلاثة الذين خلفوا (1)، وكسوة كعب ثوبيه للبشير مع كونه ليس له غيرهما دليل على جواز مثل ذلك إذا ارتجى حصول ما يستبشر به. وهو دليل على