قوله تعالى: (فاطر السماوات والأرض) نصب على النعت للنداء، وهو رب، وهو نداء مضاف، والتقدير: يا رب! ويجوز أن يكون نداء ثانيا. والفاطر الخالق، فهو سبحانه فاطر الموجودات، أي خالقها ومبدئها ومنشئها ومخترعها على الإطلاق من غير شئ، ولا مثال سبق، وقد تقدم هذا المعنى في " البقرة " مستوفى (1)، عند قوله: " بديع السماوات والأرض " [البقرة: 117] وزدناه بيانا في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. (أنت وليي) أي ناصري ومتولي أموري في الدنيا والآخرة. (توفني مسلما والحقني بالصالحين) يريد آباءه الثلاثة، إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فتوفاه الله - طاهرا طيبا صلى الله عليه وسلم - بمصر، ودفن في النيل في صندوق من رخام، وذلك أنه لما مات تشاح الناس عليه، كل يحب أن يدفن في محلتهم، لما يرجون من بركته، واجتمعوا على ذلك حتى هموا بالقتال، فرأوا أن يدفنوه في النيل من حيث مفرق الماء بمصر، فيمر عليه الماء، ثم يتفرق في جميع مصر، فيكونوا فيه شرعا ففعلوا، فلما خرج موسى ببني إسرائيل أخرجه من النيل: ونقل تابوته بعد أربعمائة سنة إلى بيت المقدس، فدفنوه مع آبائه لدعوته: " وألحقني بالصالحين " وكان عمره مائة عام وسبعة أعوام. وعن الحسن قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة، ثم جمع له شمله فعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنه، وكان له من الولد إفراثيم، ومنشأ، ورحمة، زوجة أيوب، في قول ابن لهيعة. قال الزهري: وولد لإفراثيم - بن يوسف - نون بن إفراثيم، وولد لنون يوشع، فهو يوشع بن نون، وهو فتى موسى الذي كان معه صاحب أمره، ونبأه الله في زمن موسى عليه السلام، فكان بعده نبيا، وهو الذي افتتح أريحا، وقتل من كان بها من الجبابرة، واستوقفت له الشمس حسب ما تقدم في " المائدة " (2). وولد لمنشأ بن يوسف موسى بن منشأ، قبل موسى بن عمران.
وأهل التوراة يزعمون أنه هو الذي طلب العالم ليتعلم منه حتى أدركه، والعالم هو الذي خرق