بن خلف، قال النحاس. والمعنى في نداء البشرى: التبشير لمن حضر، وهو أوكد من قولك تبشرت، كما تقول: يا عجباه! أي يا عجب هذا من أيامك ومن آياتك، فاحضر، وهذا مذهب سيبويه، وكذا قال السهيلي. وقيل: هو كما تقول: وا سروراه! وأن البشرى مصدر من الاستبشار: وهذا أصح، لأنه لو كان اسما علما لم يكن مضافا إلى ضمير المتكلم، وعلى هذا يكون " بشراي " في موضع نصب، لأنه نداء مضاف، ومعنى النداء هاهنا التنبيه، أي انتبهوا لفرحتي وسروري، وعلى قول السدي يكون في موضع رفع كما تقول: يا زيد هذا غلام. ويجوز أن يكون محله نصبا كقولك: يا رجلا، وقوله: " يا حسرة على العباد " (1) [يس: 30] ولكنه لم ينون " بشرى " لأنه لا ينصرف. (وأسروه بضاعة) الهاء كناية عن يوسف عليه السلام، فأما الواو فكناية عن إخوته. وقيل: عن التجار الذين اشتروه، وقيل: عن الوارد وأصحابه.
" بضاعة " نصب على الحال. قال مجاهد: أسره مالك بن دعر وأصحابه من التجار الذين معهم في الرفقة، وقالوا لهم: هو بضاعة استبضعناها بعض أهل الشام أو أهل هذا الماء إلى مصر، وإنما قالوا هذا خيفة الشركة. وقال ابن عباس: أسره إخوة يوسف بضاعة لما استخرج من الجب، وذلك أنهم جاءوا فقالوا: بئس ما صنعتم! هذا عبد لنا أبق، وقالوا ليوسف بالعبرانية: إما أن تقر لنا بالعبودية فنبيعك من هؤلاء، وإما أن نأخذك فنقتلك، فقال: أنا أقر لكم بالعبودية، فأقر لهم فباعوه منهم. وقيل: إن يهوذا وصى أخاه يوسف بلسانهم أن اعترف لإخوتك بالعبودية فإني أخشى إن لم تفعل قتلوك، فلعل الله أن يجعل لك مخرجا، وتنجو من القتل، فكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته، فقال مالك: والله ما هذه سمة العبيد!، قالوا: هو تربى في حجورنا، وتخلق بأخلاقنا، وتأدب بآدابنا، فقال: ما تقول يا غلام؟ قال: صدقوا! تربيت في حجورهم، وتخلقت بأخلاقهم، فقال مالك: إن بعتموه مني اشتريته (2) منكم، فباعوه منه، فذلك:
قوله تعالى: وشروه بثمن بخس درهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين (20)